#فتاة

LIVE

في صبيحة أحد الأيام ..

أخرج مجيباً نداءات الصباح لعملي المعتاد ، أجتاز الطرقات والأزقة نفسها ، الوجوه نفسها . لكن هناك رائحة مختلة ولون جديد وصوت عذب ، في مكان ما . تبعت الرائحة ، وكلما اشتدت قوة الرائحة اشتد معها صوتها وعمق لونها. وصلت للمركز فرأيت شابة تعزف على قيثارتها . مغمضة العينين ، وكأنها تؤدي شعيرة مقدسة ، أناملها المحمرة في أطرافها ، تتراقص على أوتار القيثارة ، والأوتار بدورها تستجيب لتلك النعومة والقيثارة تحكي هذا التناغم . اقتربت منها ، ووضعت حقيبتي على الارض ، وجلست بجانب الحقيبة ، استمع الى تلك الانغام ، استمع الى صوت الحياة والموت ، صوت الفرح والحزن ، الى تلك العواطف المبعثرة والتي تسير بإيقاع منتظم ، أحس بنفسي تسقط كل حصونها ودفاعاتها . فرغم كل حرب دخلتها ، سواء انتصرت فيها ام هزمت ، لم اتخلى ابداً عن دفاعاتي ، لكن امام غزو تلك الانغام لنفسي ، رأيتني أسقط دفاعاتي كلها .توقفت الفتاة بعد ضربة حزينة أخيرة على الاوتار ، ونظرت الي ونظرت انا بدوري اليها . كانت مبهورة الانفاس جراء رقص روحها مع الانغام ، كانت تبكي ، والفيتني انا ابكي وكلانا ينظر الى بكاء الآخر. كلانا فقد شيء عزيزٌ على قلبه ، ربما الفقد هو الشيء المشترك بيننا والذي جمعنا في هذه اللحظة. لكنها اختارت ان تترجم عواطفها بعزفها العذب الرقيق ، وانا اخترت أن أخبئ عواطفي خلف حصوني ودفاعاتي . وياعجباً ، أرى عذوبتها انتصرت على كتائبي فغزت مدينتي بقيثارة ، وفتحت حصوني واحدا تلو الآخر بآناملها الرقيقة التي تعلوها بعض الحمرة ، واقتحمت قصري بعواطفها الجياشة ودخلت غرفتي الحصينة ، وأمسكت برأسي تضمه الى صدرها بينما كنت أنشج وابكي بكاءاً حاراً . كم هو مؤلم ان تصبح بلا دفاعات ، انت تصبح مفضوحاً ، أن تحاول بيأس اخفاء ضعفك . أخذت تمسح على رأسي بأنغامها ، وتهدهدني ، إلى أن ألفتها وعشقت رائحتها وأبيت الانفصال عنها ، مريدا ان اتحد معها لنصبح واحداً . أيقضني من أحلامي تصفيق الجمهور بعدما انتهت فتاتي ، بينما كنا لانزال ننظر إلى أرواحنا المرهقة . نعم ، لأن كلانا حتماً فقد شيئا عزيزاً على قلبه.

loading