#prophet muhammed pbuh
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ " كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، إِلاَّ مَنْ أَبَى ". قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى قَالَ " مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى ". صحيح البخاري حديث ٧٢٨٠
Narrated Abu Huraira: Allah’s Messenger (peace be upon him) said, “All my followers will enter Paradise except those who refuse.” They said, “O Allah’s Messenger (peace be upon him)! Who will refuse?” He said, “Whoever obeys me will enter Paradise, and whoever disobeys me is the one who refuses (to enter it).” Sahih al-Bukhari 7280 In-book reference : Book 96, Hadith 12
معاني لفظ الأُمَّة الواردة في القرآن:
لفظة الأمة الواردة في القرآن لها أربعة معانٍ:
المعنى الأول: تُطلَق ويُراد به الدين؛ كقوله تعالى: ﴿ إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ ﴾ [الزخرف: 22].
المعنى الثاني: تُطلق ويُراد بها الرجل المطيع لله؛ كقوله تعالى: ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لله حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [النحل: 120].
المعنى الثالث: تُطلق ويُراد بها الجماعة؛ كقوله تعالى: ﴿ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ ﴾ [القصص: 23]، وقوله: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا ﴾[النحل: 36].
المعنى الرابع: تُطلق ويُراد بها الحين من الدهر؛ كقوله تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ ﴾ [يوسف: 45]؛ أي: بعد حين على أصح القولين، قال: فكذلك هذا؛ اهـ بتصرف من "تفسير ابن كثير"(1 /158).
أمة النبي صلى الله عليه وسلم على قسمين:
قال العيني في "عمدة القاري"(4 /35): وأمة محمد صلى الله عليه وسلمتُطلق على معنيين:
أمة الدعوة: وهي من بعث إليهم.
وأمة الإجابة: وهي من صدَّقه وآمن به؛ اهـ.
من المراد بالأمة في قوله صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي يدخلون الجنة)؟
قال المناوي في "فيض القدير"(5 /12): المراد أمة الدعوة، فالآبي هو الكافر بامتناعه عن قبول الدعوة.
وقيل: أمة الإجابة، فالآبي هو العاصي منهم، استثناهم تغليظًا وزجرًا عن المعاصي.
قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: (مَن أطاعني)؛ أي: انقاد وأذعَن لِما جئت به، (دخَل الجنة)، وفاز بنعيمها الأبدي، بين أن إسناد الامتناع عن الدخول إليهم مجاز عن الامتناع لسببه، وهو عصيانه بقوله: (ومن عصاني) بعدم التصديق أو بفعل المنهي، (فقد أبى)، فله سوء المنقلب بإبائه. والموصوف بالإباء إن كان كافرًا لا يدخل الجنة أصلًا، أو مسلمًا لم يدخلها مع السابقين الأوَّلين
قال الطيبي: ومن أبى عطف على محذوف؛ أي: عرَفنا الذين يدخلون الجنة، والذي أبى لا نعرِفه، وكان من حق الجواب أن يقال: من عصاني، فعدَل إلى ما ذكَره تنبيهًا به على أنهم ما عرفوا ذاك ولا هذا. إذِ التقدير من أطاعني وتمسَّك بالكتاب والسنة، دخل الجنة، ومن اتبع هواه وزل عن الصواب، وتخلَّى عن الطريق المستقيم، دخل النار، فوضع (أبى)موضعه وضعًا للسبب موضعَ المسبب؛ اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح"(13 /254): قوله: «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى» أي: امتنع، وظاهره أن العموم مستمر؛ لأن كلًّا منهم لا يمتنع من دخول الجنة، ولذلك قالوا: ومن يأبى، فبيَّن لهم أن إسناد الامتناع إليهم عن الدخول مجاز عن الامتناع عن سنته، وهو عصيان الرسول صلى الله عليه وسلم؛ اهـ.
قلت: وقد يشملهما الحديث، وقد يراد أمة الإجابة، وله تتمة ـ تأتي بعد أسطر ـ إن شاء الله.
معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (إلا مَنْ أَبَى):قال العيني في "عمدة القاري"(25 /27): قوله: (إلا من أبى)؛ أي: امتنع عن قبول الدعوة، أو عن امتثال الأمر. فإن قلت العاصي يدخل الجنة أيضًا؛ إذ لا يبقى مخلدًا في النار؟ قلت يعني: لا يدخل في أول الحال، أو المراد بالإباء الامتناع عن الإسلام؛ اهـ.
وقال في “فيض القدير”(5 /12): قوله: (إلا من أبى)؛ أي: بامتناعه عن قبول الدعوى، أو بتركه الطاعة التي هي سبب لدخولها؛ لأن من ترك ما هو سبب شيء لا يوجد بغيره، فقد أبى؛ أي: امتنع؛ اهـ.
بعض ما في قوله صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى) من الفوائد:
الأولى: أن عصيانه صلى الله عليه وسلم سبب لدخول النار.
الثانية: يجب على المسلم أن يعتقد أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلممن الدين، وليست من قشوره.
الثالثة: قال شيخنا الوادعي في إحدى محاضراته: هذا الحديث دليل الأعمال الظاهرة؛ اهـ.
قلت: أي: علامة هل هي موافقة لهديه صلى الله عليه وسلم أم مخالفة؛ لأن البدعة قد تظهر في صورة السنة، وربما استُحسنت من ضعفاء العلم والجهال، والله أعلم.
الرابعة: يجب على كل مسلم أن يخاف على نفسه أن يكون من صنف الإباء؛ لوجود البدع والمحدثات والمخالفات، وترك السنن وتضييع الواجبات، والتشبه بأعداء الإسلام، وغربة الإسلام في بلد الإسلام.
الخامسة: أهمية الأعمال الصالحة الظاهرة والباطنة لمن أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
السادسة: شفقته صلى الله عليه وسلم على أُمته، وحرصه على هدايتهم، وذلك ظاهر من الحديث، والله أعلم.
Hadith Translation/ Explanation : English French Spanish Turkish Urdu Indonesian Bosnian Russian Bengali Chinese Persian Indian Sinhalese Kurdish Hausa Portuguese Malayalam Telugu Swahili Tamil Burmese: https://hadeethenc.com/en/browse/hadith/4947
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ " بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ". صحيح البخاري حديث ٣٤٦١
Narrated `Abdullah bin `Amr: The Prophet (peace be upon him) said, “Convey (my teachings) to the people even if it were a single sentence, and tell others the stories of Bani Israel (which have been taught to you), for it is not sinful to do so. And whoever tells a lie on me intentionally, will surely take his place in the (Hell) Fire.” Sahih al-Bukhari 3461 In-book reference : Book 60, Hadith 128
حثَّتِ الشَّريعةُ المُطهَّرةُ على تَبليغِ ما جاءَ به الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كلٌّ بحَسْبِ استِطاعتِه وعِلمِه، بشَرْطِ تَحرِّي الصِّحَّةِ والصِّدقِ فيما يُبلِّغُ عن اللهِ عزَّ وجلَّ ورَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «بَلِّغوا عنِّي ولو آيةً»، أي: أخبِروا النَّاسَ وعَلِّموهم بكلِّ ما جاءَ عَنِّي وبَلَّغتُكم به، مِن قُرآنٍ أو سُنَّةٍ، واقتُصِرَ هنا على الآيةِ؛ ليُسارِعَ كلُّ سامعٍ إلى تَبليغِ ما وَقَع له مِن الآياتِ والعِلمِ، ولو كان قَليلًا، ولو آيةً واحدةً؛ بشَرْطِ أنْ يُبلِّغَ الآيةَ صَحيحةً على وَجْهِها. وقولُه: «آيةً» يَشمَلُ القرآنَ المتواتِرَ والحديثَ النَّبويَّ الصَّحيحَ؛ لأنَّ الحديثَ في حكْمِ الآيةِ القرآنيَّةِ مِن حيث إنَّه وحْيٌ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ؛ قال اللهُ تعالَى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7].
ثمَّ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «وحَدِّثوا عن بَني إسرائيلَ»، أي: وأخْبِروا بما حَدَّثكم به بَنو إسرائيلَ، واسْمَعوا لِمَا يُحدِّثونكم به ممَّا لا يَتعارَضُ مع الشَّرعِ، وبِما لا تَعلَمون كَذِبَه، «ولا حَرَجَ»، أي: لا يَقَعُ عليكم شَيءٌ مِن الإثمِ والذَّنبِ في الحديثِ عنهم. وليس المقصودُ مِن قولِه: «لا حَرَجَ» إباحةَ الكذبِ في أخبارِهم، ورفْعَ الإثمِ عن نقْلِ الكذِبِ عنهم، بلْ هذا تَرخيصٌ في الحديثِ عنهم على البَلاغِ وإنْ لم يَتحقَّقْ ذلك بنَقْلِ الإسنادِ؛ لتَعذُّرِه بطُولِ المُدَّةِ، بخِلافِ أحكامِ شَريعةِ الإسلامِ؛ فإنَّ الأصلَ فيها التَّحديثُ بالاتِّصالِ.
ثُمَّ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ومَن كَذَبَ عليَّ مُتعمِّدًا»، أي: مَن قصَدَ الكذِبَ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وتَعمَّد ذلك، لا مَن أخطَأَ، فلْيَتهيَّأْ ولْيَستعِدَّ إلى دُخولِه النَّارَ وإلى مَقعدِه الَّذي فيها، الَّذي قدْ أوجَبَه هو على نفْسِه بكَذِبِه على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وتَعمُّدِ الكَذِبِ عليه، وهذا وَعيدٌ شَديدٌ دالٌّ على كِبَرِ هذه المعصيةِ. وخَصَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الكذبَ عليه بالتَّحذيرِ -وإنْ كان الكذِبُ كلُّه حَرامًا-؛ لأنَّ كَلامَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَشريعٌ، وكَلامَ غيرِه ليس كذلك؛ فالكَذِبُ على الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أعظَمُ مَضرَّةً، وأعظمُ إثمًا.
وفي الحديث: التَّرهيبُ والتَّحذيرُ مِن الكذبِ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
Hadith Translation/ Explanation : English French Spanish Turkish Urdu Indonesian Bosnian Russian Bengali Chinese Persian Indian Sinhalese Kurdish Portuguese Malayalam Telugu Swahili Tamil Burmese: https://hadeethenc.com/en/browse/hadith/3686
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ لَمَّا نَزَلَتِ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّنَا لاَ يَظْلِمُ نَفْسَهُ قَالَ " لَيْسَ ذَلِكَ، إِنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ، أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهْوَ يَعِظُهُ {يَا بُنَىَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }". صحيح البخاري ومسلم حديث ٣٤٢٩ - ١٢٤
Narrated `Abdullah: When the Verse:– ‘Those who believe and mix not their belief with wrong.’ was revealed, the Muslims felt it very hard on them and said, “O Allah’s Messenger (peace be upon him)! Who amongst us does not do wrong to himself?” He replied, “The Verse does not mean this. But that (wrong) means to associate others in worship to Allah: Don’t you listen to what Luqman said to his son when he was advising him,” O my son! Join not others in worship with Allah. Verily joining others in worship with Allah is a great wrong indeed.“ (31.13) Sahih al-Bukhari 3429 In-book reference : Book 60, Hadith 100 // Sahih Muslim 124a In-book reference : Book 1, Hadith 234
ا(وَلَمْ يَلْبِسُوا): أي لم يخلطوا.
ه• (بِظُلْمٍ): الظلم في اللغة: وضع الشيء في غير محله، وفي الشرع: وضع الأمور الشرعية في غير محلها، وعلى هذا كل ما خالف الشرع فهو ظلم، وتتفاوت مراتبه بدءاً بالمعصية الصغيرة وانتهاءً بالشرك. ولقد فهم الصحابة – رضى الله عنهم - أن التنوين في (بِظُلْمٍ) للتنكير، والنكرة في سياق النفي تفيد العموم، فيدخل فيه المعاصي عموماً فشق ذلك عليهم وقالوا: ” أَيُّنَا لاَ يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟“ حتى أخبرهم النبي – صلى الله عليه وسلم - بأن المراد هو الشرك.
ه• (إِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ): اختلف في نبوة لقمان، وجمهور العلماء على أنه كان حكيماً وليس نبياً، إلا عكرمة فإنه قال:” كان نبياً وتفرد بهذا القول وأما ابن لقمان الذي قال له: ﴿ لاَ تُشْرِكْ بِالله ﴾ فقيل اسمه أنعم، ويقال: مشكم، والله أعلم" [انظر شرح النووي لصحيح مسلم (2 / 324) ].
فوائد الحديث:
الفائدة الأولى: الحديث دليل على فضل التوحيد، وعظم جرم الشرك وأنه موجب لحرمان الأمن والهداية وسبب للخوف والقلق قال الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82].
وأما أهل التوحيد فهم أهل الأمن في الآخرة والهداية في الدنيا والآخرة.
قال ابن كثير رحمه الله:“ هؤلاء الذين أخلصوا العبادة لله وحده لا شريك له، ولم يشركوا به شيئاً هم الآمنون يوم القيامة، المهتدون في الدنيا والآخرة” [تفسير ابن كثير (3/ 294 )]
فإن قيل: كيف الجمع بين كون الموحد (لكنه اقترف المعاصي صغيرها أو كبيرها) يحصل له الأمن يوم القيامة لتوحيده، وبين كون العاصي قد يعذب يوم القيامة؟
فالجواب: أن الأمن يوم القيامة على نوعين:
ه1. الأمن التام: وهذا لمن كان إيمانه كاملاً ولم يلبسه بشرك ولا بمعصية، فهو مستحق للأمن التام والهداية التامة.
ه2. أصل الأمن: وهذا لمن جاء بالتوحيد لكن في عمله من الذنوب والمعاصي مما يوجب نقص الإيمان، فله أصل الأمن وأصل الهداية دون تمامها.
قال الشيخ السعدي - رحمه الله -: “فإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بظلم مطلقاً، لا بشرك، ولا بمعاصٍ؛ حصل لهم الأمن التام، والهداية التامة”.
وإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بالشرك وحده، ولكنهم يعملون السيئات، حصل لهم أصل الهداية، وأصل الأمن، وإن لم يحصل لهم كمالهما" [تفسير السعدي ص (224 )].
وحاصل الأمر أنه كلما كان توحيد العبد وإيمانه وبعده عن المعاصي أتم كلما عظم أمنه وهدايته.
الفائدة الثانية: الحديث دليل على أن الظلم مراتب وأن أعظمه الشرك بالله، وهذا يتضح من فهم الصحابة- رضوان الله عليهم - بأن المعاصي تسمى ظلماً فقالوا:“ أَيُّنَا لاَ يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟” وبيان النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الظلم المقصود هنا هو الشرك بالله.
فإن قيل: إنه عُرف في القواعد الفقهية الأصولية أن النكرة في سياق النفي تفيد العموم وهي كذلك في الآية ﴿ وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ ﴾ فتعم كل ظلم وهكذا فهم الصحابة – رضى الله عنهم -، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ردَّ هذا العموم؟
فالجواب: أنه من رد النبي - صلى الله عليه وسلم - نأخذ حكماً أصولياً وهو جواز إطلاق العام والمراد به الخصوص، ولذا في أصول الفقه ما يعرف بالعام الذي يراد به الخاص.
قال القرطبي رحمه الله:“ وفي الآية دليل على جواز إطلاق اللفظ العام والمراد به الخصوص” [المفهم 1 / 335].
وفي الحديث بيان لمراتب الظلم وتفاوتها، والظلم أنواع:
ـ1. الشرك بالله، وهو أعظم الظلم، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان:13].
ـ2. ظلم العبد نفسه بالمعاصي، قال الله تعالى: ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ﴾[فاطر:32].
ـ3. ظلم العبد لغيره، وهو ظلم العباد بعضهم لبعض، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾[الشورى:42].
وقد يطلق الظلم ولا يراد به المعصية، قال تعالى: ﴿ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [الأعراف:160].
ه• (وَمَا ظَلَمُونَا) أي ما نقصونا بكفرهم شيئاً.
وللظلم مباحث وأحكام ستأتي في مظانها بإذن الله تعالى.
الفائدة الثالثة: الحديث دليل على شدة خوف الصحابة - رضوان الله عليهم -، وذلك لمشقة ما فهموه من الآية، والحديث دليل على عدم عصمة الصحابة من الذنوب حيث قالوا:“ أَيُّنَا لاَ يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟ ”. كامل الفوائد والشرح هنا https://www.alukah.net/sharia/0/109175/أينا-لا-يظلم-نفسه؟/
عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاَقَةَ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ “ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الأَخْلاَقِ وَالأَعْمَالِ وَالأَهْوَاءِ " حديث صحيح، سنن الترمذي حديث ٣٥٩١
Ziyad bin `Ilaqah narrated from his uncle, that he said: “[The Prophet (peace be upon him)] used to say: ‘O Allah, I seek refuge in You from evil character, evil actions, and evil desires (Allāhumma innī a`ūdhu bika min munkarātil-akhlāqi wal-a`māli wal-ahwā’).’”Sahih Reference : Jami` at-Tirmidhi 3591 In-book reference : Book 48, Hadith 222
اشتمل هذا الحديث على الاستعاذة من أربعة منكرات:
أحدها: (منكرات الأخلاق)؛ وهذا من باب إضافة الصفة إلى الموصوف، أي: الأخلاق المنكرة، واستعاذ منها صلى الله عليه وسلم لأن الأخلاق المنكرة تكون سبباً لجلب كلّ شر ودفع كل خير، وقد جاء في الدعاء ((اهْدِنِي لأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ لاَ يَهْدِى لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لاَ يَصْرِفُ عَنّيى سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ)).
والثاني: (منكرات الأهواء) وهو جمع هوى، واستعاذ صلى الله عليه وسلم من الأهواء لأنها هي التي توقع في الشر، وتنشأ عنها أنواع المخالفات والانحرافات.
والثالث: (منكرات الأعمال) أي: الأعمال المنكرة، وهي الذنوب والمعاصي.
قال بعض أهل العلم: المراد بالأخلاق: الأعمال الباطنة، والمراد بالأعمال: الأفعال الظاهرة؛ فيكون قوله: «اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال» جُمع فيه استعاذة من الذنوب ظاهرها وباطنها.
والرابع: (منكرات الأدواء) أي: أدواء القلوب وأسقامها، ومن أعظم أدوائه الشرك والذنوب والغفلة والاستهانة بمحاب الله ومراضيه، وترك التفويض إليه وقلة الاعتماد عليه والركون إلى ما سواه والسخط بمقدوره والشك في وعده ووعيده.
قال ابن تيمية رحمه الله: «فعطَف الأدواء على الأخلاق والأهواء، فإن "الخُلق” ما صار عادةً للنفس وسجية، قال الله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم} قال ابن عباس وابن عيينة وأحمد بن حنبل رحمه الله: على دين عظيم، وفي لفظ عن ابن عباس: على دين الإسلام. وكذلك قالت عائشة رضي الله عنها: كان خلقه القرآن. وكذلك قال الحسن البصري: أدب القرآن هو الخلق العظيم. وأما “الهوى” فقد يكون عارضا والداء هو المرض وهو تألم القلب والفساد فيه». وقال الشوكاني رحمه الله: «استعاذ صلى الله عليه وسلم من مُنكرَات الْأَخْلَاق لِأَن الْأَخلَاق الْمُنكرَة تكون سَببا لجلب كل شَرّ وَدفع كل خير، واستعاذ صلى الله عليه وسلم من مُنكرَات الْأَعْمَال لِأَنَّهَا إِذا كَانَت مُنكرَة فَهِيَ ذنُوب، واستعاذ صلى الله عليه وسلم من الْأَهْوَاء لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي توقع فِي الشَّرّ ويتأثر عَنْهَا من معاصي الله سُبْحَانَهُ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ {أَفَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ}[الجاثية:23] ، وَإِذا كَانَ الْهوى يصيِّر صَاحبه باتباعه كالعابد لَهُ فَكَأَنَّهُ إلهه، فَلَا شَيْء فِي الشَّرّ أَزِيد من ذَلِك وَلَا أَكثر مِنْهُ، واستعاذ صلى الله عليه وسلم من الأدواء وَهِي جمع دَاء وَهُوَ السقم الَّذِي عرض لَهُ الْإِنْسَان، وَقد يُرَاد بذلك أدواء الدّين وَالدُّنْيَا من جَمِيع مَا يضر بِالْبدنِ وَالدّين» لاتمام الشرح في المرفق
أحاديث نبوية | Hadith of Prophet Mohammed
Hadith Translation/ Explanation : English French Spanish Turkish Urdu Indonesian Bosnian Russian Bengali Chinese Persian Tagalog Indian Kurdish Hausa : https://hadeethenc.com/en/browse/hadith/5329
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضى الله عنه ـ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم “ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ". صحيح البخاري ومسلم حديث ٧٤٠٥ - ٢٦٧٥
Narrated Abu Huraira: The Prophet (peace be upon him) said, ”Allah says: ‘I am just as My slave thinks I am, (i.e. I am able to do for him what he thinks I can do for him) and I am with him if He remembers Me. If he remembers Me in himself, I too, remember him in Myself; and if he remembers Me in a group of people, I remember him in a group that is better than they; and if he comes one span nearer to Me, I go one cubit nearer to him; and if he comes one cubit nearer to Me, I go a distance of two outstretched arms nearer to him; and if he comes to Me walking, I go to him running.’ “ Sahih al-Bukhari 7405 In-book reference : Book 97, Hadith 34 \ Sahih Muslim 2675a In-book reference : Book 48, Hadith 1
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ قِيلَ مَعْنَى ظَنِّ عَبْدِي بِي ظَنُّ الْإِجَابَةِ عِنْدَ الدُّعَاءِ وَظَنُّ الْقَبُولِ عِنْدَ التَّوْبَةِ وَظَنُّ الْمَغْفِرَةِ عِنْدَ الِاسْتِغْفَارِ وَظَنُّ الْمُجَازَاةِ عِنْدَ فِعْلِ الْعِبَادَةِ بِشُرُوطِهَا تَمَسُّكًا بصادق وعده قَالَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ قَالَ وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْقِيَامِ بِمَا عَلَيْهِ مُوقِنًا بِأَنَّ اللَّهَ يَقْبَلُهُ وَيَغْفِرُ لَهُ لِأَنَّهُ وَعَدَ بِذَلِكَ وَهُوَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ فَإِنِ اعْتَقَدَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُهَا وَأَنَّهَا لَا تَنْفَعُهُ فَهَذَا هُوَ الْيَأْسُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ وَمَنْ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ وُكِلَ إِلَى مَا ظَنَّ كَمَا فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فَلْيَظُنَّ بِي عَبْدِي مَا شَاءَ قَالَ وَأَمَّا ظَنُّ الْمَغْفِرَةِ مَعَ الْإِصْرَارِ فَذَلِكَ مَحْضُ الْجَهْلِ وَالْغِرَّةُ وَهُوَ يَجُرُّ إِلَى مَذْهَبِ الْمُرْجِئَةِ…. فتح الباري لابن حجر رحمه الله
وهذا فيه الحث على حسن الظن بالله، أنا عند ظن عبدي بي، فينبغي للمؤمن أن يحسن ظنه بالله ويجتهد في العمل الصالح؛ لأن من ساء عمله ساء ظنه وطريق إحسان الظن أن يحسن العمل وأن يجتهد في طاعة الله ورسوله حتى يكون حسن الظن بالله، لأنه وعد المحسنين بالخير العظيم والعاقبة الحميدة، ومن ساءت أفعاله ساءت ظنونه، ولهذا في الصحيح من حديث جابر عند مسلم: لا يموتن أحد منكم إلا وهو يحسن ظنه بالله وفيه أيضًا أن الله مع الذاكرين، ينبغي الإكثار من ذكر الله، وهي معية خاصة التي تقتضي التسديد والتوفيق والكلاءة والحفظ مثل ما في قوله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [التوبة:40] وفي قوله : إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:153] إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [طه:46] هذه يقال لها المعية الخاصة مع أوليائه وأهل طاعته فهكذا المعية مع الذاكرين تقتضي الكلاءة والحفظ والعناية والتوفيق والتسديد فينبغي للمؤمن أن يكون مع الذاكرين لا مع الغافلين، ومن صفات أهل النفاق قلة ذكر الله، ومن صفات أهل الإيمان الإكثار من ذكر الله كما قال جل وعلا: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا[النساء:142] أما المؤمنون فقال فيهم سبحانه: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا[الأحزاب:35] فينبغي للمؤمن الإكثار من ذكر الله قائمًا وقاعدًا وفي بيته وفي كل مكان، بقلبه وبلسانه حسب التيسير، وبأفعاله أيضًا، فيما يتعلق بالأعمال العبادية كالطاعة، وأما هذا التقرب شبرا وذراعًا وباعًا فهذه من الصفات التي يجب وكْل ما يتعلق بكيفيتها إلى الله سبحانه وتعالى، نقرها ونمرها كما جاءت كما قال السلف الصالح، ولا نتأولها هذا فيه الدلالة على أنه سبحانه أسبق بالخير إلينا فإذا سابقنا إلى الخير فهو به أسبق سبحانه وتعالى، وذلك لكمال جوده وكرمه، من سارع إلى الخيرات فالله إليه بالتوفيق والهداية والعناية أسرع، ولهذا قال: إن تقرب إليّ شبرًا تقربت منه ذراعًا وإن تقرب مني ذراعًا تقربت منه باعًا وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة، كل هذا يشير إلى سعة جوده وسبقه بالخير وأما كيفية تقربه ذراعًا وباعًا فهي إليه سبحانه وتعالى لا نكيفها ولا نقول إن معناها كذا وكذا؛ بل الله أعلم بكيفيتها سبحانه وتعالى كما نقول في الاستواء والنزول والغضب والرضا كلها صفات حق ثابتة لله لكن لا نكيفها كما قال مالك رحمها الله: الاستواء معلوم والكيف مجهول، هكذا قال ربيعة وابن سلمة وهكذا قال الأئمة جميعًا: الصفات معلومة ثابتة لله سبحانه وتعالى حسب ما جاء في النصوص من الكتاب والسنة الصحيحة ونمرها كما جاءت مع إثبات المعنى والإيمان به وأنه حق وأنه لائق بالله لا شبيه له فيه مع عدم الخوض في الكيفية. ابن باز رحمه الله
Hadith Translation/ Explanation : English French Spanish Turkish Urdu Indonesian Bosnian Russian Bengali Chinese Persian Tagalog Indian Vietnamese Uighur Sinhalese Kurdish Hausa Portuguese Swahili Tamil: https://hadeethenc.com/en/browse/hadith/3636https://hadeethenc.com/en/browse/hadith/6461
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ـ رضى الله عنهما ـ قَالَ عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ فَتَوَضَّأَ فَجَهَشَ النَّاسُ نَحْوَهُ، فَقَالَ “ مَا لَكُمْ ”. قَالُوا لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ وَلاَ نَشْرَبُ إِلاَّ مَا بَيْنَ يَدَيْكَ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الرَّكْوَةِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَثُورُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ الْعُيُونِ، فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا. قُلْتُ كَمْ كُنْتُمْ قَالَ لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً. صحيح البخاري ومسلم حديث ٣٥٧٦ - ١٨٥٦
Jabir bin `Abdullah said, “The people became very thirsty on the day of Al-Hudaibiya (Treaty). A small pot containing some water was in front of the Prophet (peace be upon him) and when he had finished the ablution, the people rushed towards him. He asked, ‘What is wrong with you?’ They replied, 'We have no water either for performing ablution or for drinking except what is present in front of you.’ So he placed his hand in that pot and the water started flowing among his fingers like springs. We all drank and performed ablution (from it).” I asked Jabir, “How many were you?” he replied, “Even if we had been one-hundred-thousand, it would have been sufficient for us, but we were fifteen-hundred.” Sahih al-Bukhari 3576 In-book reference : Book 61, Hadith 85 // Sahih Muslim 1856g In-book reference : Book 33, Hadith 110
أيَّدَ اللهُ نَبيَّه بالمُعجِزاتِ الخارِقةِ للعادةِ الدَّالَّةِ على نُبُوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومِن هذه المُعجِزاتِ ما حَكاه جابِرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما في هذا الحَديثِ مِن تَفجُّرِ الماءِ بيْن أصابِعِه الشَّريفةِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وذلك في يَومِ الحُدَيْبيَةِ، وكان ذلك سَنةَ سِتٍّ مِن الهِجرةِ، والحُدَيْبيَةُ اسمٌ لبِئرٍ يقَعُ بالقُربِ مِن مكَّةَ على بُعدِ حوالَيْ (20 كم) في طَريقِ جُدَّةَ القَديمِ، فالصَّحابةُ لمَّا وَصَلوا الحُدَيْبيَةَ، وكانوا يُريدونَ العُمرةَ في ذلك العامِ، وَجَدوا بِئرَ الحُدَيْبيَةِ لا تَصلُحُ للشُّربِ، فعَطِشَ النَّاسُ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْن يَدَيْه «رَكْوةٌ»، وهي إناءٌ صَغيرٌ مِن جِلدٍ يُشرَبُ منها الماءُ، فتَوضَّأَ، «فجَهِشَ النَّاسُ نَحْوَه»، أي: أسْرَعوا إليه لأخْذِ الماءِ، فقال: «ما لكم؟ قالوا: ليس عندَنا ماءٌ نَتوضَّأُ ولا نَشرَبُ إلَّا ما بيْن يدَيْكَ»، فوضَعَ يدَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الإناءِ، فجَعَل الماءُ «يَثُورُ»، أي: يَفورُ بيْنَ أصابِعِه، «كأمْثالِ العُيونِ» وهي الَّتي تخرُج من بينِ صُخورِ الجِبالِ، أو عُروقِ الأرْضِ، فشَرِبوا وتَوضَّؤُوا، وكأنَّ اللهَ سُبحانَه وتعالَى جعَل يَدَ نَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المُبارَكةَ مادَّةَ رِيِّهم، فسُئِلَ جابرٌ رَضيَ اللهُ عنه عن عدَدِ الصَّحابةِ الَّذين أخَذوا مِن هذا الماءِ يومَئذٍ، فقال جابرٌ رَضيَ اللهُ عنه: «لو كُنَّا مِئةَ ألفٍ لكَفانا، كُنَّا خَمسَ عَشْرةَ مِئةً»، أي: ألفًا وخَمسَ مِئةٍ.
وفي الحَديثِ: بَيانٌ لبَرَكةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأنَّ المَصالِحَ إذا تَعارَضَتْ قُدِّمَ الأهمُّ، حيثُ قدَّموا الشُّربَ على الوُضوءِ؛ للعَطَشِ. الدرر السنية
عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ، قَالَ " إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ ". فَقَالَ بِهِ هَكَذَا قَالَ أَبُو شِهَابٍ بِيَدِهِ فَوْقَ أَنْفِهِ. ثُمَّ قَالَ “ لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلاً، وَبِهِ مَهْلَكَةٌ، وَمَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ نَوْمَةً، فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ رَاحِلَتُهُ، حَتَّى اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَرُّ وَالْعَطَشُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي. فَرَجَعَ فَنَامَ نَوْمَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ ". صحيح البخاري ومسلم حديث ٦٣٠٨ - ٢٧٤٤
Narrated Al-Harith bin Suwaid: `Abdullah bin Mas`ud related to us two narrations: One from the Prophet (peace be upon him) and the other from himself, saying: A believer sees his sins as if he were sitting under a mountain which, he is afraid, may fall on him; whereas the wicked person considers his sins as flies passing over his nose and he just drives them away like this.” Abu Shihab (the sub-narrator) moved his hand over his nose in illustration. (Ibn Mas`ud added): Allah’s Messenger (peace be upon him) said, “Allah is more pleased with the repentance of His slave than a man who encamps at a place where his life is jeopardized, but he has his riding beast carrying his food and water. He then rests his head and sleeps for a short while and wakes to find his riding beast gone. (He starts looking for it) and suffers from severe heat and thirst or what Allah wished (him to suffer from). He then says, ‘I will go back to my place.’ He returns and sleeps again, and then (getting up), he raises his head to find his riding beast standing beside him.” Sahih al-Bukhari 6308 In-book reference : Book 80, Hadith 5 \ Sahih Muslim 2744a In-book reference : Book 50, Hadith 4
والتوبة فرض من الله تعالى على كل من علم من نفسه ذنبًا صغيرًا أو كبيرًا؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا)[التحريم: ٨] . وقال: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: ٣١] ، وقال تعالى: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ) [النساء: ١٧]
فكل مُذنب فهو عند مواقعة الذنب جاهل وإن كان عالمًا، ومن تاب قبل الموت تاب من قريب،
وأما الحديث الذى حدث ابن مسعود عن نفسه فقوله: (إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبلٍ يخاف أن يقع عليه، والفاجر يرى ذنوبه كذباب مرّ على أنفه) . فينبغى لمن أراد أن يكون من جملة المؤمنين أن يخشى ذنوبه، ويعظم خوفه منها، ولا يأمن عقاب الله عليها فيستصغرها، فإن الله تعالى يعذّب على القليل وله الحجة البالغة فى ذلك.شرح ابن بطال للحديث مختصراًوهنا كامله
مِن لُطفِ اللهِ عزَّ وجلَّ بعِبادِه أنْ يَسَّرَ لهم أبْوابَ التَّوبةِ والاستغفارِ حتى يرجِعَ المذنِبُ إلى رَبِّه ويتوبَ مِن ذُنوبِه مهما كانت عظيمةً، ولكِنْ ينبغي للعاقِلِ أن يرى ذُنوبَه وقبائِحَه كما وصَفَها الشَّرعُ، ولا يستهينَ بها.
وفي هذا الحَديثِ وصَفَ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه حالَ المُؤمِنِ مع ذُنوبِه، وشبَّهه برجُلٍ قاعدٍ تحْتَ جبَلٍ يَخافُ أنْ يَقَعَ عليه؛ ومَن وقَعَ عليه الجبلُ فلا يُظَنُّ له نَجاةٌ، فالمُؤمِنُ ينظُرُ إلى عَظَمةِ اللهِ عزَّ وجَلَّ، وجَلالِه، وعِزِّ سُلطانِه، وغناه عن خَلْقِه، وفَقْرِ خَلْقِه إليه، وأنَّ يَسيرَ المعصيةِ له جَلَّ جَلالُه ليس بيسيرٍ عند المُؤمِنِ؛ فلذلك يرى كأنَّه قاعدٌ تحت جَبَلٍ؛ مِن خَوفِ ما أتى.
بيْنَما يَنظُرُ الفاجِرُ -وهو الفاسِقُ المُستهترُ- لذُنوبِه باستخفافٍ، حتى إنَّه يرى كبائِرَ الذُّنوبِ سَهلةً يسيرةً، فكأنَّها ذُبابٌ مرَّ على أنْفِه فأشار بيَدِه، فذَهَب الذُّبابُ ولم يُؤثِّرْ فيه، لا لخِفَّةِ ذُنوبِه، ولكِنْ لخِفَّةِ إيمانِه باللهِ سُبحانَه.
ثُمَّ ذَكَر رَضِيَ اللهُ عنه ما يُخفِّفُ على المؤمِنِ خَوْفَه مِن ذُنوبه؛ فذَكَر حَديثَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: «لَلَّهُ» بلامِ التَّوكيدِ «أَفْرَحُ» بصِيغةِ التَّفضيلِ «بتَوبةِ العبْدِ» مِن مَعصِيَتِه «مِن رَجُلٍ نَزَل منزِلًا»، أي: مكانًا «وبه مَهْلَكَةٌ»، فهذا المكانُ مَظِنَّةُ الهلاكِ، وفي رِوايةِ النَّسائيِّ في الكُبرى: «بِدَوِّيَّةٍمَهْلَكَةٍ»، والدَّوِّيَّةُ: هي الأرضُ القَفْرُ والفَلَاةُ الخالِيَةُ، والبَرِّيَّةُ والصَّحْراءُ الَّتِي لا نَباتَ فيها، وكان معه في رِحْلَتِه هذه «راحِلَتُه»، وهي ما يَركَبُه مِن الدَّوَابِّ، مِثلُ النَّاقةِ أو الفَرَسِ أو ما في معنى ذلك من الركائِبِ التي يَحمِلُ عليها طعامَه وشرابَه، وبعد تَعَبٍ مِنَ السَّيرِ أخلد للرَّاحةِ «فوَضَعرأْسَه» وهذا كنايةٌ عن الاستلقاءِ، فنام نَوْمةً لا يَشعُرُ بما حوله ولا يحفَظُ راحِلَتَه، ثم استَيقظ وقدْ ذهبَتْ راحلتُه وابتعَدَت وتاهت في هذه الصَّحراءِ، وبعد البَحثِ عنها لم يجِدْها، وظَلَّ يَبحَثُ حتَّى اشْتَدَّ عليه الحرُّ والعَطَشُ أو ما شاءَ اللهُ مِن أنواع البَلاءِ الأُخرَى، فقال لنَفْسِه بعْدَ مُحاوَلةِ البَحثِ عن الرَّاحلةِ: «أَرجِعإلىمَكاني» الَّذِي كان قد نام فيه؛ ينتظِرُ قضاءَ اللهِ فيه، يقصِدُ الموتَ، ويحتَمِلُ أنَّه رجع إلى هذا المكانِ؛ لأنَّ عادةَ الحيوانِ أنَّه إذا ضاع أو تاه يَتْبَعُ آثارَ خُطُواتِه ويرجِعُ إلى المكانِ الأوَّلِ، «فرَجَعالرَّجُلُ فنام نَوْمةً، ثُمَّ رفَع رأْسَه» بعد الاستيقاظِ، «فإذا راحلتُه عِندَه» قد رجَعَت إلى مكانها عِندَه، ولا شَكَّ أنَّ مَن هذه حالُه يَفرَحُ فرحًا شديدًا، وفي روايةِ مُسلمٍ مِن حَديثِ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه قال من شِدَّةِ الفَرَحِ: «اللَّهُمَّ أنت عبدِي وأنا ربُّك، أَخْطَأَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ، فاللهُ أشدُّ فَرَحًا بتَوبةِ عبْدِه مِن ذلك الرَّجُلِ»، فاللهُ سُبحانَه أفرَحُ بتوبةِ عِبادِه إليه من فَرَحِ هذا الرَّجُلِ برُجوعِ دابَّتِه إليه التي فيها حياتُه بعد أن يَئِسَ للموتِ.
وفي الحَديثِ: إثباتُ صِفةِ الفَرحِ للهِ عزَّ وجلَّ، على ما يَليقُ بكَمالِه وجَلالِه؛ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].
وفيه: قَبولُ التَّوبةِ الصَّادِقةِ وفَرَحُ اللهِ تعالى بها، ورضاه عن صاحِبِها، فالتَّوبةُ مَقبولةٌ حتى تَطلُعَ الشَّمسُ مِن مَغرِبِها، كما في ثبت في الأحاديثِ. الدرر السنية
Hadith Translation/ Explanation : English French Spanish Turkish Urdu Indonesian Bosnian Russian Bengali Chinese Persian Tagalog Indian Sinhalese Kurdish Hausa Portuguese : https://hadeethenc.com/en/browse/hadith/4313
أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ـ رضى الله عنه ـ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ". ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ ـ رضى الله عنه {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} الاية. صحيح البخاري ومسلم حديث ١٣٥٩ - ٢٦٥٨
Narrated Abu Huraira: Allah’s Messenger (peace be upon him) said, “Every child is born with a true faith of Islam (i.e. to worship none but Allah Alone) but his parents convert him to Judaism, Christianity or Magainism, as an animal delivers a perfect baby animal. Do you find it mutilated?” Then Abu Huraira recited the holy verses: “The pure Allah’s Islamic nature (true faith of Islam) (i.e. worshipping none but Allah) with which He has created human beings. No change let there be in the religion of Allah (i.e. joining none in worship with Allah). That is the straight religion (Islam) but most of men know, not.” (30.30) Sahih al-Bukhari 1359 In-book reference : Book 23, Hadith 112 // Sahih Muslim 2658b In-book reference : Book 46, Hadith 34
وفي لفظ آخر (٥): «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه وينصّرانه ويُشرِّكانه»، فقال رجل:أرأيت يا رسول الله، لو مات قبل ذلك؟ قال: «الله أعلم بما كانوا عاملين».
وفي لفظ آخر (٦): «ما من مولود يولد إلا وهو على الملة».
وفي لفظ آخر (١): «على هذه الملة حتى يُبِينَ عنه لسانه».
وفي لفظ آخر (٢): «ليس مِن مولود يولد إلا على هذه الفطرة، حتى يعبّر عنه لسانه».
وفي لفظ آخر (٣): «من يولد يولد على [هذه] الفطرة».
وفي لفظ آخر (٤): «كل إنسان تَلِده أمُّه على الفطرة، وأبواه بعدُ يُهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجِّسانه، فإن كانا مسلمين فمسلم».
وهذه الألفاظ كلها في «الصحيحين» إلا لفظ «الملة» فهو لمسلم، وكذا لفظ: «يُشرِّكانه» له أيضًا، وكذا قوله: «حتى يُعبّر عنه لسانه»، وكذا لفظ: «فإن كانا مسلمين فمسلم» لمسلم وحده.
[ق ٢٤٠] وإنما سقنا هذه الألفاظ لنبين بها أن الكلام جملتان، لا جملة واحدة، وأن قوله: «كل مولود يولد على الفطرة» جملة مستقلة، وقوله: «أبواه يهودانه … » إلى آخره جملة أخرى. وهو يبين غلط من زعم أن الكلام جملة واحدة، وأن المعنى: كل مولود يولد بهذه الصفة فأبواه يهودانه، وجعل الخبر عند قوله «يهودانه» إلى آخره. وألفاظ الحديث تدل على خطأ هذا القائل، وتدل أيضًا على أن الفطرة هي فطرة الإسلام، ليست الفطرة العامة التي فُطِر عليها من الشقاوة والسعادة، لقوله: «على هذه الفطرة»، وقولهِ:«على هذه الملة».
وسياقه أيضًا يدل على أنها هي المراد، لإخباره بأن الأبوين هما اللذان يغيّرانها، ولو كانت الفطرة هي فطرة الشقاوة والسعادة في قوله (١): «على هذه الفطرة» لكان الأبوان مقرِّرَين (٢) لها.
ولأن قراءةَ قوله تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}[الروم: ٣٠] عقب الحديثِ (٣) صريحٌ في أن المراد بها فطرةُ الإسلام.
ولأن تشبيهَ المولود في ولادته عليها بالبهيمة الجمعاء ــ وهي الكاملة الخلق ــ، ثم تشبيهَه إذا خرج عنها بالبهيمة التي جَدَعها أهلُها فقطعوا آذانها (٤) = دليل على أن الفطرة هي الفطرة المستقيمة السليمة، وما يطرأ على المولود من التهويد والتنصير بمنزلة الجدع والتغيير في ولد البهيمة.
ولأن الفطرة حيث جاءت مطلقةً معرَّفة باللام لا يراد بها إلا فطرة التوحيد والإسلام، وهي الفطرة الممدوحة، ولهذا جاء في حديث الإسراء لمّا أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - اللبن قيل له: «أصبتَ الفطرة» (٥)، ولمّا سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - المؤذن يقول: الله أكبر الله أكبر، قال: «على الفطرة» (٦).
وحيث جاءت الفطرة في كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالمراد بها فطرة الإسلام لا غير، ولم يجئ قط في كلامه مرادًا بها فطرة الشقاوة وابتداءُ الخِلقة في موضع واحد.
كتاب تهذيب سنن أبي داود لابن القيم
ولشرح الحديث للشيخ الخضير انقر keep reading
«ما من مولود»، ما نافية، ومن زائدة لتأكيد النفي، ومولود نكرة في سياق النفي فتعم جميع من يولد، جميع من يولد من بني آدم، «ما من مولود إلا يولد على الفطرة»، على الملة، على الدين على الإسلام {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19]، ولذا ذكر اجتيال الشياطين وتسبب الوالدين في التنكب عن هذه الفطرة التي هي الإسلام بسبب الوالدين، «فأبواه يهودانه» يحولانه من الفطرة إلى اليهودية، «وينصرانه ويمجسانه» يحولانه من هذه الفطرة إلى النصرانية والمجوسية، ولم يقل: ويسلمانه ويجعلانه مسلمًا لأنه على الأصل مسلم، الفطرة هي الإسلام، {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19].
«فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء»، يعني مكتملة الأعضاء من غير نقص، وهذا هو الأصل وإلا ففي القليل النادر قد يولد خديجًا فيه نقص، لكن الأصل والغالب أنها تولد بهيمة جمعاء مكتملة الأعضاء.
«هل تحسون فيها من جدعاء» مقطوعة القرن مكسورة قرن، ليس فيها قرن إذا ولدت ثم ينبت، مقطوعة الأذن يعني من تصرف مخلوق ما يوجد، تولد كاملة.
«كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء؟»، ثم يقول أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم، {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30]، الأصل أن ابن آدم يولد على الدين على الفطرة، وللميثاق الذي أخذ عليه أثر في هذه الفطرة، والفطرة يقول أهل العلم: إنها في ابن آدم كالنار تحت الرماد إذا أُزيل عنها هذا الرماد اشتعلت، فإذا أزيلت عنها هذه المؤثرات بسبب الأبوين من الإنس أو بسبب الشياطين، كما في حديث عياض بن حمار حديث قدسي يقول: «خلقت عبادي حنفاء، فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم»، فاجتالتهم يعني حرفتهم، ونحن نرى الشياطين شياطين الإنس والجن تتخطف أولاد الفطرة لا سيما في زماننا هذا حينما كثرت وسائلهم التي يستعملونها لانحراف الناس والتأثير عليهم، فصار الأمر سهلاً في أن يصبح الولد مستقيمًا ويمسي فاسقًا، وفي آخر الزمان كما جاء: «يصبح الرجل مسلمًا، ويمسي كافرًا».
يقول أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم، هذا مدرج من كلامه، وليس من أصل الحديث: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}[الروم: 30]، لا يمكن أن يولد مولود يهودي ولا نصراني ولا مجوسي ولا بوذي ولا أي ملة أو ديانة من الديانات، إلا أن يولد على الفطرة وعلى الملة وعلى الدين على الإسلام، لكن المؤثرات كثيرة، والأسباب كثيرة في الانحراف. لاكمال الشرح اضغط هنا
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضى الله عنه ـ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ " بُعِثْتُ مِنْ خَيْرِ قُرُونِ بَنِي آدَمَ قَرْنًا فَقَرْنًا، حَتَّى كُنْتُ مِنَ الْقَرْنِ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ ". صحيح البخاري حديث ٣٥٥٧
Narrated Abu Huraira: Allah’s Messenger (peace be upon him) said, “I have been sent (as an Apostle) in the best of all the generations of Adam’s offspring since their Creation.”Sahih al-Bukhari 3557 In-book reference : Book 61, Hadith 66
وقد سبق في صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله : وبعثت في خير قرون بني آدم وفي رواية بريدة عند أحمد خير هذه الأمة القرن الذين بعثت فيهم وقد ظهر أن الذي بين البعثة وآخر من مات من الصحابة مائة سنة وعشرون سنة أو دونها أو فوقها بقليل على الاختلاف في وفاة أبي الطفيل ، وإن اعتبر ذلك من بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - فيكون مائة سنة أو تسعين أو سبعا وتسعين ، وأما قرن التابعين فإن اعتبر من سنة مائة كان نحو سبعين أو ثمانين ، وأما الذين بعدهم فإن اعتبر منها كان نحوا من خمسين ، فظهر بذلك أن مدة القرن تختلف باختلاف أعمار أهل كل زمان والله أعلم . ابن حجر
النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اخْتارَه اللهُ سُبحانَه وتعالَى مِن خَيرِ طَبقاتِ البَشَرِ، طَبقةً بعْدَ طَبَقةٍ؛ فكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَنتقِلُ مِن الأصْلابِ الشَّريفةِ إلى الأرْحامِ الشَّريفةِ، حتَّى ظَهَر أخيرًا مِن البَيتِ الهاشِميِّ؛ أشرَفِ بُيوتاتِ العرَبِ، وأعْرقِها نسَبًا، وأعْلاها مَنزِلةً في جَزيرةِ العرَبِ كلِّها.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن نفْسِه: «بُعِثتُ مِن خَيرِ قُرونِ بَني آدَمَ، قَرنًا فقَرنًا»، والقَرنُ: أهلُ زَمانٍ واحِدٍ مُتَقارِبٍ، «حتَّى كُنْتُ مِن القَرنِ الَّذي كُنتُ فيه»، أي: أنَّه انْتُقيَ منَ القُرونِ وأفضَلِها قَرنًا بعْدَ قَرنٍ، حتَّى وصَل إلى الزَّمنِ الَّذي ظهَر فيه ووُلدَ، فانتقَلَ أوَّلًا مِن صُلبِ ولَدِ إسْماعيلَ، ثمَّ مِن كِنانةَ، ثمَّ مِن قُريشٍ، ثمَّ مِن بَني هاشمٍ، فالفاءُ في قولِه: «فقَرنًا» للتَّرتيبِ في الفَضلِ على سَبيلِ التَّرقِّي مِن الآباءِ مِن الأبعَدِ إلى الأقرَبِ فالأقرَبِ.
وفي الحَديثِ: بَيانُ خَيريَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ واصْطفائِه. الدرر السنية