#ذكرى

LIVE

”حين تتعرّف على إنسان جديد كأنك تضيف سنوات حياة كاملة إلى حياتك، هذا الإنسان سيأتيك بأفراحه وأحزانه وذكرياته وكل شيء مرّ فيه، هي فكرة غريبة ولكن واقعية لأقصى حد .“

أربع يحبهن الله

#زادك    #اذكار    #ذكر    #ذكر الله    #ذكرى    

خلني ما بين شكي و اليقين

ما يهم رضاي عنك و زعلّي

-بدر بن عبدالمحسن

غرابيب سود…


رحلت ، شققتُ عباب البحار ، عانقت سحُب السماء ، قطعت مسافات طويلـة تحت الشمس ، وعلى الرمال الحارّة . ظللت أسافر ، إلى أن فقدت سببي ، ضاع مني السبب ، وظللت أسافر ليس لدي فكرة عن سبب هذه المشقة ، لكن كانت كل خلية، كل عظلة لدي وكل كياني يصرخ يطلب مني الاستمرار، يبدو كهروب أكثر منه كسفر . أيا أسفي ..

انقشع شيءٌ من الضباب الكثيف ، لمحت ضوءًا كئيباً ، يئن في ارتعاشه، أحسست بألم فضيع ، وكأن جسمي صحَا من ثوررة التخدير وبدأت ندوبي تستبد في ألمها . حولت نظري إلى قدمي فوجدتها مسوّدة ، دامية ، يداي أصبحت ثقل زائد متصل بجسدي . كنت أنظر الى الامام فقط واسير مسافرا غير عابئ بي ، أبتغي هرباً ، ملجأً ، فكان ملجئي هو سيري السرمدي.

رياح الجنوب عاتية ، أرعدت وعصفت بي ، انقشع جلُّ الضباب ، وحل الظلام ، ظلام يتخلله ضوء القمر فيزيد في حلكته . ها هنا ، أضحك وكم ضحكت على نفسي ، تمزّقت روحِـي ، يمكنك أيتها الروح البائسة الهرب أينما تريدين ، يمكنك أيها التعيس أن تكمل سيرك السرمدي ، فعباب البحر الذي شققته لم يكن سوى فيضان على الخربة التي تتجوّل بلا انقطاع فيها ظنا منك انك تسافر، لم يكن سفرك سوى هربَاً . تعيس انت حتى في هربك ، تهرب منها إليها . وسحب السماء التي تدعي عناقها لم تكن سوى رياح رملية حلّت عليك وجعلتك والخربة واحداً. والمسافات التي قطعتها تحت الشمس لم تكن سوى تيهان ، تجوال بين حدود وأزقة الخربة ، تحت لفحة الشمس . خَـربة في وسط الامكان ، في نهايات أعماق الذات، أمتدت جذورها عميقاً بداخلِي إلى ان تلاحمت معي وأصبحت عضواً أساسيّا حيويا بداخلي. خـرابة ، تفيـض بالموت عبقاً ، خالية من أي روح سواي ، ان صح مسمى الروح عليّ، خرابة متألّقة، حيث لا شيء يشبهها ، مسرح وعلى خشبته تؤُدى مسرحية ساخرة ، تُـذكرِني بتعاستي وبوهم هروبي، فتجعل في أدائها المسرحي المتقن من الوهم حقيقة ، مسرح في سقفه تعزِف سمفونية الحزن ، تؤديها كوكبة من غرابيب سود ، تحلّق بشكل دائري فوق رأسي، تحليق سرمديّ أيضاً ، تنتظر بلا كلل ولا ملل سقوط جسدي حيث أن روحي قد سقطت بالفعل في هاوية مظلمة.

خـرابة ، يؤلمُـني منظرها ، ويخنِقُنـي عبقها ، جرحٌ قديم يأبى ان ينضب ، فيستمر بالنزيف ، نزيف أبدي ، لعنة الألـم ، لعنة الذكرى . صورتك في كل مكان ، و صوتك هو الشيء الوحيد الذي أسمعه ، ذهبت مادتك حيث أنها لم تكن بالوجود أصلا ، وبقيت فكرتك ، بقى طيفك ، وخيالك . أخذوا جميعهم يضربون بيد من حديد في ذاتي ، ثباتي ، ويزيدون في خرابي ، أيُّ وهم أنا فيه ، لم أراك ولم أسمعك ولم أشمك حتى ، وأتلوى ألماً بكل شيء يحمل ماضي حضورك ، وأتقهقر إن سمعت انسجام احرفك في مكان ما. وسط الخرِبـة أنا ، ها هنا أعيش ، وهنا أهرب ، وهنا أستذكر وأبتسم وهنا أحزن وأبكي ، هنا أشق عباب البحر وأعانق السحب وأمشي تحت الشمس تلفحني ريحها الحارة ، هنا أستنشق عبق الموت ، هنا تؤدى المأساة هنا ، التراجيديا والكوميديا على مسارح الخربة والحضور أنا ، أنا من يقوم مصفقا بعد انتهاء العرض ، ها هنا أستلقي باحثا عن نهاية الـلانهاية، آمِـلا بالمستحيل ، وفي بوتقة الجنون تُصهر كل إرادة بالخلاص، وسمفونية أسى تعزفها فوق رأسي كوكبة من غرابيب سود.

#ادب    #نثر    #شعر    #اقلام    #poetry    #writing    #اوراق    #books and libraries    #literature    #كتاب    #كتابة    #نصوص    #أدب    #أدبيات    #أدباء    #خاطرة    #خواطر    #حكمة    #غراب    #غرابيب    #غربيب سود    #ألم    #ذكرى    #حبر    #منس    #نسيان    #مسرح    

أرى ولا أُرى …

في وسط تيار الحشد، كصخرة صغيرة على جدول الماء، رافضة الانصياع لتياره ، في تأمّـل سرمدي نحو السماء. طفل صغير يركض خلف أمه، شاب أنيق يهرول لأجلموعدٍ مع حبيبته، هرمٌ تعيس ذو ثياب بالية يمشي بتثاقل ويصطدم كتفه بكتفي اصطدامٌ خفيف، يبدي اعتذاراً ويكمل طريقه. أصوات أقدام ، وأحاديث يختلط بعضهاببعض فتكون سمفونية ضمن سمفونيات الحياة الرتيبة ، الجميلة في رتابتها. زعيق بائع البوضة تجاه المارة ، ترويجا لبرودة بوضته، يرد عليها نباح كلب أمام أحد المنازلكردة فعل تجاه اقتراب غريب أمام سياج المنزل. لوحة فنيّـة، تمتزج فيها الألوان امتزاجاً فريداً ، فكل امتزاج مختلف عن الامتزاج الذي يليه. تتخافت الأصوات، وتختفيالألوان ، شيئا فشيئا. وأصبح أنا وحدي على هيئتي، واقفٌ وسط التيار. وقد اختفى كل شيء. بقيت أنا والظلام، في قاع هوّتي، في وسط انهياراتي الداخلية، تعيس إنصح القول ، محطمٌ بالفعل. أقف على رصيف أحد المتاجر، رصيف قد مرّت خلاله في طريقها نحو وجهة ما. رصيف مقدس، يحمل طيف وقع أقدامها، الان وقد اختفى كلشيء ، لا احتاج حتى لإغماض عيني لاستحضار طيفها. طيفها حاضر ، لكنه مع التيار، أراه ولا يراني. آخذ نفساً عميقا من هواء الرصيف الملوث بدخان السجائر وعوادمالسيارات وحرارة المنازل . لأنني أعلم أن في هذا الهواء ، جزيئات عطرها ، لعلها تدخل صدري وتظل في رئتي فأصبح معها ولو بمقدار ذرة. أشمّها ولا تشمّنـي. أستحضرماضي ذلك اليوم الذي مرّت فيه على هذا الرصيف، استحضار متُخَـيّل ، فالخيال هو سلاحي الوحيد في بقائي صامداً ، استحضرها متخيّلا ، تسير على هدى ، ورأسهامنخفض، تنظر إلى خطوط طوب الرصيف. المتعرجة المليئة بالكلس، غارقة في أفكارها. أنظر بدوري إلى خطوط الرصيف الذي قدستْه بنظرة شاردة منها. أنزل على ركبتي،أتحسسه بأنامل يدي، وتجتاحني رجفة ألم ، تعاطفاً مع الرصيف، لأنه في واقع الحال مثلي، يرى ولا يُرى. أرجع إلى وقوفي ، مغمض العينين هذه المرة ، لتخصيب خياليأكثر فأكثر. أراها، بين الحشود، تسير مع التيار، أمد يدي لكنها لا تصل، أحاول مناداتها لكن لاصوت يخرج من حنجرتي، أصرخ لكن صوتي مكتوم، أحاول السباحة ضدالتيار، لكنـي لم أتحرك حتى قيد أنملة. أهرول وأركض، لكن المكان هو نفسه والرصيف ذو الخطوط المتعرجة لم يتغير . أتمزّق ألما على ألم، حتى في خيالي عاجزٌ ، أرى ولاأُرى. أفتح عيني ، فأرى الرؤية أصبحت ضبابية، أتحسس عيني بأناملي فأجدها مبتلة، خيالي ولّى ظهره وتركني، أصبح كحركة التراجع المرورية، مجرد تذكير إلى واقعيالمهشّم وإلى حالتي البائسة.عقلي يريد الخروج من هذه الهوة، وقلبي يأبى ورجلي لا تتزحزح، قضى الزمان أن أظل في هذا الوضع الأبدي، وسط التيار ثابت، حاضروغائب، قريب في بُـعدي ، وبعيد في قرُبـي، أرى ولا أُرى.

#أدب    #كتابات    #قلم    #أقلام    #أوراق    #اداب    #نصوص    #قصة    #رواية    #حديث    #كلام    #حبر    #كتاب    #كتب    #خاطرة    #خواطر    #سكتش    #مشهد    #لوحة    #حزن    #ألم    #ذكرى    #رصيف    #رؤية    #اختناق    #غرق    
image

خلال ضباب الدماء، اشق طريقي . متبعاً إحساسي ، حيث الرؤية تقف عاجزة عن تتبع أي طريق ينبغي اتخاذه. أتابع المسير ، وقلبي يضطرب مع كل خطوة ، يضطرب مع فكرة ان هذا الطريق لانهاية له ، يضطرب لفكرة أنني في متاهة أبدية ، حيث لا خروج، لا توقف، ولا رؤية. منزوع الادراك والارادة. سرت إلى أن تمكن مني التعب، تعبت من نفسي ومن ضعفي ومن رطوبة الضباب الذي ملأ صدري بروائح الدماء، دماء لا أعرف مصدرها، كم يؤرقني ويمزقني ان لا أعرف مصدرها. لا أعرف كم مضى على حالتي هذه، بدأت أشتاق الى نفسي، الى إرادتي ، وحواسي، بكيت حيث لم يتبقى لي سوى البكاء، هو الشيء الوحيد الذي لم يُنتزع مني. سقطت على ركبتي باكياً، وخلال دموع البكاء التي تضفي رؤية حالمة وسرابية للواقع، بدأ الضباب ينقشع، وأبصرت الصورة. جثث، مترامية هنا وهناك، بعضها مسحوق تماماً، والاخر لازال يحتفظ ببعض أطرافه، بينما الآخر لم يترك سوى الدماء، حيث تكون هي الدليل على وجوده. كانت الجثث تحمل صورتي، وجسدي، أرى نفسي مقتولا، هنا وهناك، بين الأزقة وعلى الرصيف، فوق السطوح وطافياً بتعاسة يجرفني تيار المجارير. ترى مالسبب؟ مالذي فعلت بذاتي؟ ماذا فعلت نفسي بنفسي؟ وخلال تساؤلي، نهضت جثة تنزف دماً من عينيها وأخرى تنزف من فمها، وثالثة تنزف من قلبها، ورابعة وخامسة، ثم سادسة وسابعة، جميعهم يتجهون نحوي، ويضموني واحدا تلو الآخر، وخلال هذا الطقس المقدس، نقلت جثث الأنا مختلف الاسباب التي قتلتني. كانت هذه تشكو نسياناً أصابها بسهم في صدرها، وأخرى تبكي حزنا سحقها وأخرى تصف قتالا خاسراً مع اليأس طرحها أرضاً، ورابعة تريني آثار اعتداء عنيف من الكآبة عليها، كل أنا تصف وتشكوا لي سببا. الى ان انتهت آخر أنا ، مشيرة بأصبعها إلي، قائلة أنت سبب كوني على هذا الحال، أنت هو القاتل الحقيقي، الذي قتل بدم بارد جميع الأنا خاصته. وليست الأسباب سوى ضحايا بريئة من كل التهم التي وجهتها أناك لها . قتلت نفسك و أشرت بأصابع الاتهام نحو النسيان واليأس والكآبة وغيرهم ، وهم بريئون من ذلك كله. بدأت أخرى تقول نعم انت السبب في ذلك ، وأخرى توافقها، الى أن سقطوا جميعهم صرعى من جديد. وعاد ضباب الدم الأحمر، لكني هذه المرة لم أستطع السير مجددا، إذ لم أقو على الوقوف، أحسست بجسمي بارداً كالثلج. أرى يداي ممسكتان بخنجر فضي عطش مغروز وسط قلبي، حيث يروي عطشه من الدماء المتفجرة من قلبي. ربما كانت أناي محقة، ربما كنت انا السبب الحقيقي وراء ذلك، ربما ارتديت أقنعة اليأس والكآبة والحزن وقتلت نفسي، فظننت ان هذه الاسباب قتلتني، بينما كنت نهاية أخدع نفسي. ربما مع طول ارتدائي للأقنعة أنغمس معنى هذه الأقنعة في نفسي واتحد معها، حيث أصبحت أنا نفسي هي اليأس والكآبة والحزن، لكن وهل يهم ذلك كله؟ فمدينتي استحالت صحراء قاحلة، وسكانها الأنا تلون بدمائها الرمال وتحيلها من صفراء الى حمراء قانية، أسقط على الارض ، أنظر إلى أقدام قاتلي المنتصب واقفاً ، يداه ملطختين بدمي، بدمه، انظر بألم الى الأنا ، الى نفسي، التي ستقتل هي بدورها على يدي.

#شعر    #اقلام    #ادب    #نثر    #اوراق    #كتب    #حبر    #صفحات    #رواية    #ادباء    #روايات    #حكاية    #قتال    #نضال    #هوية    #بلا هوية    #ذهب    #نفسي    #نفس    #حديث    #ذكرى    #حنين    #رثاء    #موت    #مدن    #قلاع    #خواطر    #خاطرة    #ذكريات    
loading