#قصة

LIVE

١٥:٣٦

إني خائفة من أفتح قلبي لهذه اليد التي تطرق بصبر وهدوء ، ثم أجدها يد الذئب :

يهدد صغاري مرة أخرىٰ بأكلهم و أضطر للمرة الألف أن أبحث عن مقصي لفتح بطنه و املأهُ حجارةً ليسقط في البـئر !

@0ward

“بدلاً من تضييق عالمك ، عليك في النهاية ان تأخذ العالم كله في روحك”

كولن ولسون في اللامنتمي متحدثاً عن قصة نارزيس و كولدماند لهيرمان هيسه

أرى ولا أُرى …

في وسط تيار الحشد، كصخرة صغيرة على جدول الماء، رافضة الانصياع لتياره ، في تأمّـل سرمدي نحو السماء. طفل صغير يركض خلف أمه، شاب أنيق يهرول لأجلموعدٍ مع حبيبته، هرمٌ تعيس ذو ثياب بالية يمشي بتثاقل ويصطدم كتفه بكتفي اصطدامٌ خفيف، يبدي اعتذاراً ويكمل طريقه. أصوات أقدام ، وأحاديث يختلط بعضهاببعض فتكون سمفونية ضمن سمفونيات الحياة الرتيبة ، الجميلة في رتابتها. زعيق بائع البوضة تجاه المارة ، ترويجا لبرودة بوضته، يرد عليها نباح كلب أمام أحد المنازلكردة فعل تجاه اقتراب غريب أمام سياج المنزل. لوحة فنيّـة، تمتزج فيها الألوان امتزاجاً فريداً ، فكل امتزاج مختلف عن الامتزاج الذي يليه. تتخافت الأصوات، وتختفيالألوان ، شيئا فشيئا. وأصبح أنا وحدي على هيئتي، واقفٌ وسط التيار. وقد اختفى كل شيء. بقيت أنا والظلام، في قاع هوّتي، في وسط انهياراتي الداخلية، تعيس إنصح القول ، محطمٌ بالفعل. أقف على رصيف أحد المتاجر، رصيف قد مرّت خلاله في طريقها نحو وجهة ما. رصيف مقدس، يحمل طيف وقع أقدامها، الان وقد اختفى كلشيء ، لا احتاج حتى لإغماض عيني لاستحضار طيفها. طيفها حاضر ، لكنه مع التيار، أراه ولا يراني. آخذ نفساً عميقا من هواء الرصيف الملوث بدخان السجائر وعوادمالسيارات وحرارة المنازل . لأنني أعلم أن في هذا الهواء ، جزيئات عطرها ، لعلها تدخل صدري وتظل في رئتي فأصبح معها ولو بمقدار ذرة. أشمّها ولا تشمّنـي. أستحضرماضي ذلك اليوم الذي مرّت فيه على هذا الرصيف، استحضار متُخَـيّل ، فالخيال هو سلاحي الوحيد في بقائي صامداً ، استحضرها متخيّلا ، تسير على هدى ، ورأسهامنخفض، تنظر إلى خطوط طوب الرصيف. المتعرجة المليئة بالكلس، غارقة في أفكارها. أنظر بدوري إلى خطوط الرصيف الذي قدستْه بنظرة شاردة منها. أنزل على ركبتي،أتحسسه بأنامل يدي، وتجتاحني رجفة ألم ، تعاطفاً مع الرصيف، لأنه في واقع الحال مثلي، يرى ولا يُرى. أرجع إلى وقوفي ، مغمض العينين هذه المرة ، لتخصيب خياليأكثر فأكثر. أراها، بين الحشود، تسير مع التيار، أمد يدي لكنها لا تصل، أحاول مناداتها لكن لاصوت يخرج من حنجرتي، أصرخ لكن صوتي مكتوم، أحاول السباحة ضدالتيار، لكنـي لم أتحرك حتى قيد أنملة. أهرول وأركض، لكن المكان هو نفسه والرصيف ذو الخطوط المتعرجة لم يتغير . أتمزّق ألما على ألم، حتى في خيالي عاجزٌ ، أرى ولاأُرى. أفتح عيني ، فأرى الرؤية أصبحت ضبابية، أتحسس عيني بأناملي فأجدها مبتلة، خيالي ولّى ظهره وتركني، أصبح كحركة التراجع المرورية، مجرد تذكير إلى واقعيالمهشّم وإلى حالتي البائسة.عقلي يريد الخروج من هذه الهوة، وقلبي يأبى ورجلي لا تتزحزح، قضى الزمان أن أظل في هذا الوضع الأبدي، وسط التيار ثابت، حاضروغائب، قريب في بُـعدي ، وبعيد في قرُبـي، أرى ولا أُرى.

عالم بلا خرائط . للأديبان العظيمان ، جبرا إبراهيم جبرا ، وعبد الرحمن منيف .


عمل أدبي فريد من نوعه ، معقد متشابك ، بقلمين من عالميْن اثنين . في العادة أن الروائي يكون حاكم روايته والحكام بطبعهم تأبى أنفسهم المشاركة في الحكم . فتوقعت أن أجد تناقضا وحيرة وضبابية في هذا العمل ، وقد وجدت بالفعل، لكنني وبعد الاستمرار وجدت ان هذه الضبابية والتناقضات كانت لبنة أساسية لإكتمال هذا العمل العظيم.

بداية العمل ، يكون القارئ أمام كلمات ومشاهد غامضة ، متاهات ، يعتقد انه يعرف شيئا او اثنين لكن مايلبث ان ينتقل للفصل الثاني حتى تنهار كل اعتقاداته . ومن خلال الفصول الاولى نحصل على جزء من صورة علاء الدين نجيب قبل نجوى. نستطيع ان نقسم الرواية الى قبل نجوى ، زمن نجوى، وبعدها.

بداية لم أجد في هذا العمل أية “ميزة ” تجعله مختلفاً. وسرعان مابدلت رأيي بل وجدته سخيفاً نوعا ما. وذلك حينما بدآ الرائعان يتحدثان عن عمورية. وهنا تذكرت أديب ايرلندا العظيم جيمس جويس، حيث كان كل ماكتبه يحدث في مدينته التي احبها وكرهها ، “دبلن”. وهنا تجري الاحداث في عمورية، لكنها ليست عموريتنا ، بل هي عمورية الكاتبان، عمورية غير الواقع ، عمورية عالمهم ، عالمهم الذي بلا خرائط.

وجدت اجزاء من نفسي في عمورية، فلي بلدة تشبههاها الى حد كبير، فأثارت شجوني سمفونيات الفرح والحزن والألم والمأساة المتعلقة بهذه المدينة . ولم يتورعان الكاتبان عند هذا الحد من المفاجآت، حيث أدخلا شخصية حسام الرعد ، في داخل كل منا يوجد حسام الرعد، المحب للحياة ، الجامح ، السعيد، الشجاع الا مبالي، الخيّال عاشق خيلته لمعه. وعلاقته بالمثاليات وصدام الواقع ، ورغبته في تغيير عمورية وارجاعها الى سابق عزها، لكن كلامه وافكاره تظل تتردد بين جدران قلبه وخيالاته، حيث لاتكاد تصل إلى أراضي الفعل. وهنا يبرز أدهم أخ علاء الدين، والذي يعتبر المحرك والفعل لأقوال وأحلام خاله، حسام.

الشخصيات وبناءها قوي ، على الرغم من ان بعضها قد يبدو ضبابي بعض الشيء، كخلدون ، ونبيل وصبا.

وبعدها تبرز نجوى، وعلاقتها بعلاء الدين ، فنرى الحب والجنون والشبق والتحدي لكل وازع ولكل عقبة وتقليد. ومن خلال نجوى يبرز لنا كم هو محطم علاء، وكأن نجوى أخذت تكسر قشرة علاء الدين الخارجية والمتيبسة، فتظهر بعض أجزاء نفسه الحقيقية ، تظهر صور المأساة في ولعه بنجوى ، صور الوحدة والبؤس، وكأن نجوى هي ذاك المسكر، الذي ما ان تتناوله حتى تطير في عالم الاحلام وما ان تستفيق منه حتى تدرك بؤسك وتزداد بؤسا على بؤس. في نهاية الرواية يظل الحدث الاهم موضع شك ، غير متأكدين حول الحقيقة، فرأيت ان هذا اشبه بكرم بالغ من الروائيان حيث تركا لنا ان نقرر ماهي النهاية. بما ان نجوى ذات كبرياء ، تعشق التملك والاستحواذ، وفي خضم المشاكل بينها وبين سليمان العامري والميراث، وبين الجنون والوهم والانتشاء في آخر مشهد ، وحينما رأت نجوى علاء ينساب بين أصابعها كالرمل ، وبين كلماتها اوخصوصا"الموت بين يديك أمنية". وأيضا موقفها الشاذ ذلك اليوم، يبدو أنها كانت تضحي بكل شيء في سبيل هذه اللحظة ، والتي بدت لي كالعشاء الأخير . ربما بعدما التقت بلخدون ، رأت أنه لا أجمل من ان تنهي حياتها باختيارها هي ، في تلك الدار والتي تحتفظ بين جدرانها العديد من مشاهد الخيبة والمآسي، ولإضفاء بعض الدراما بدت كمن أُعتدي عليها ، وربما كانت رسالة لعلاء الدين بأنها اذا خسرته خسرت كل شيء . أو ربما قتلت بعدما هددت من قبل سليمان العامري حول موضوع الميراث ، أو ربما على يد خلدون وأعتقد ان هذا غير وارد وذلك من خلال الصورة النفسية التي كوناها عنه من خلال هذا العمل. أو ربما بين حقيقة والوهم ، وتداخلهم ، ربما كان علاء هو من قتلها .


نهاية، أرى هذا العمل من الأعمال العظمى التي قرأتها، مليء بالاسئلة الوجودية والفلسفية والحيرة والتناقضات والفرح والشبق والجنون واللذة والألم والمآسي. ففي هذا العمل رأيت البحث عن وليد مسعود ، ورأيت أيضا شرق المتوسط. كأن الكاتبان كانا يتنافسان بإبراز أفضل مالديهم ، فإذا ظهر أحدهم بمشهد قوي تحداه الآخر بمشهد أقوى حبكة أو إحكام، ومن خلال تشذيب هنا وهناك يبقى الأفضل ليُضع في هذا العمل.

قومٌ إذا نُودُوا لِدَفْع مُلِمَّة .. والخيلُ بين مُدَعَّس وَمُكَرْدَسِ.. لَبسوا القُلُوبَ على الدروع

قومٌ إذا نُودُوا لِدَفْع مُلِمَّة ..
والخيلُ بين مُدَعَّس وَمُكَرْدَسِ..
لَبسوا القُلُوبَ على الدروعِ وأقبلوا ..
يَتَهَافتون على ذَهَابِ الأَنْفُسِ..
_________________________________________________


Post link
وحيـد ..وسط قلعتي المهجورة ، محاطاً بالصمت ، بالسكون ، محاطاً بالخيبة .أدخل يدي في جيبي ، أنظر إ

وحيـد ..
وسط قلعتي المهجورة ، محاطاً بالصمت ، بالسكون ، محاطاً بالخيبة .
أدخل يدي في جيبي ، أنظر إلى صورنا معاً ، وقد أكلها النسيان وأتلفها ، أتأمّل جراحات الحرب ، التي نزفت كل دمّي ، أتأمل ندوب الزمان التي لازالت تنزف ذكرى مؤلمة .
كل شيء حولي بلا روح ، ميّت ، بلا أثر ، منسي ، وقريباً سأصبح غباراً تحمله رياح الزمان ، اسماً بين سطور النسيان ، شعراً بين فصول ملحمة العدم .
لم يعد لدي اكثير من الوقت ، أرى قلعتي تتهادى ، تتلاشى ، إحسّ بنفَسِـي يهدأ ، ونبضي يتباطأ، فقدت كل شيء ، فقدت اسمك ، فقدت صوتك ، عبقك ، وكان اشدها إيلاماً هو فقداني صورتك .


Post link
أنتِ لستِ لي ..ولكنّي أحبك ..مازلتُ أحبك .. وحنيني إليك يقتِلنِي ..وكرامتي تمنعنيوكلّ شيء يح

أنتِ لستِ لي ..
ولكنّي أحبك ..
مازلتُ أحبك ..
وحنيني إليك يقتِلنِي ..
وكرامتي تمنعني
وكلّ شيء يحول بيني وبينك
________________________________
(محمود درويش)


Post link
دون كيخوته ..رائعة من روائع الأدب العالمي ، بل إنها تُعتبر من قبل كثير من النقاد على أنها “أ

دون كيخوته ..
رائعة من روائع الأدب العالمي ، بل إنها تُعتبر من قبل كثير من النقاد على أنها “أفضل عمل أدبي كُتِب قبل أي وقت مضى”. رائعة مفعمه بالمشاعر والأحاسيس ، تلعب فيها العاطفة دور المايسترو على المسرح . تحُـوم فِي أرجاء هذا الصرح الأدبي سمات أنسانية. هي تجسيد للمبادئ والقيم الأخلاقية العالية وصدامها مع الجانب الواقعي . ومن هنا كان هذا الديالكتيك ، أي الجدل والمحاورة المبنية على وجود المنطق بين الفارس “دون كيخوته” الذي يمثل القيم المجردة والمبادئ وحامل سلاحه “سنشو بنثا” الذي بدوره يمثل الواقع المجرد . ومن جدالهما ينشأ ديالكتيك الوجود .


Post link
loading