#حروف

LIVE

عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال:

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

{أُريت النار، فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن قيل: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان ، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت: ما رأيت منك خيرا قط}.

[صحيح بخاري :29ص104].

العشير: الزوج.

لا إله إلا الله  …
كنت أقرأ يوما في صحيح البخاري  …
فاستوقفني هذا الحديث  …
نعم  …
لقد أدهشني هذا الحديث  …
بعد ذلك  …
تأملت واقع بعض نساءنا فوجدت أن حالهم ينطبق عليه هذا الحديث  …
يا الله  …
لقد خشيت على والدتي من النار  …
لقد خشيت على أخواتي وأقاربي من النار …
لقد خشيت على نساء المسلمين من النار  …
بعد هذا التأمل !
قرأت هذا الحديث مرّة ومرتين وثلاثة بل حفظته ، ثم نقلته لأهلي  …
فقلت لم لا أنقله لأخواتي المسلمات من أجل تذكيرهم ونصحهم حتى لا يكن من أهل النار …

أيتها المرأة الغالية !!

أرجوا أن تقرئي هذا الحديث الآن *

ــــــــ ـــــــــ

لعلكِ فهمتي ما يقصد هذا الحديث *

أختي المسلمة /
 … الآن  …
أعيدي شريط الذكريات من المواقف التي أنكرتي فيه إحسان زوجكِ أو أبيكِ أو أحد إخوانِك …

سواء كان ذلك ( أي الجحود ) مشافهة ً معهم **
أو
كان ذلك عن طريق سماعة الهاتف مع زميلاتك **
أو
كان ذلك مع والدتك ، وأخواتك **
أو
كان ذلك عن طريق معاملتك السيئة مع والد أو والدة زوجك ، أو أبناء إخوانك **
أو
كان ذلك عن طريق التعامل السيئ مع أي فردٍ منهم **
أو أو أو  …
أرجوا أن تتذكري  … وتتأملي في أحوالك  …
لا تستعجلي  …
لا تستعجلي  …

إذا تذكرتي وانتهيتي  …

فأرجوا أن تعيدي قراءة حديث الرسول صلى الله عليه وسلم …

أيها الغالية  … أنتِ تريدين الجنة ولا شك في ذلك  …

فما هي لمساتكِ بعد هذا الحديث  …

أولا ً /
استغفري الله وتوبي إليه ، واعلمي أن هذا دين العدل ، ودين الرحمة ، ودين المحبة  …
توبي إلى الله عز وجل توبة صادقة لا رجعة فيها  …
فيا حسرة من كانت النار مسكنها بسب جحودها لإحسان لزوجها أوإحسان غيره …
نعم قد تكوني من الصالحات وقد تكوني من الداعيات لكن قد تكوني مبدعة في فن الجحود وإنكار الجميل …

ثانياً /
عودي نفسك على الإحسان لزوجك مهما بدر منه ، وأيضا ربّي نفسك على عدم الجحود سواء كان ذلك لله عز وجل ، أو للزوج أو للمخلوقين  …
ولقد دعتني للخلاف عشيرتي.. … ..فعددت قولهم من الإضلال
إني امرؤٌ فيَّ الوفـــــاء سجيـة.. … .وفعــال كل مهـذب مفضـال

ثالثاً /
أشكري زوجك على أفعاله الحسنة ، وذكريه بما فات من معروفه الذي قدّمه لكِ ، أو قدّمه لأهلِك ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول( من لا يشكر الناس لا يشكر الله ) ، وأيضاً لا تنسي أبيكِ ومن له حقٌ عليكِ … ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( من أعطي عطاء فوجد فليجز به ، ومن لم يجد فليثن ، فإن من اثنى فقد شكر ، ومن كتم فقد كفر ، ومن تحلى بما لم يعطه كان كلابس ثوبي زور ) صححه الألباني

رابعا /
إذا كان زوجك أو أحد أقاربك له صفات ذميمة ، أو تعامل سيئ ، أو أنكر لكِ جميلا فقابلي ذلك بالصبر والإحسان  …
فالجميل كإسمه، والمعروف كرسمه، والخير كطعمه  …

خامسا ً /
ابتعدي عن كثرة الجدال  … لأن ذلك قد يفضي أثناء غضبك إلى الجحود والنكران  … فالحبيب صلى الله عليه وسلم يقول ( أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا )  .

سادسا /
لا تتفنني في زخرفة الخيال لديك بأهمية تأديب الزوج بهذا الأسلوب… وأن الرجال لا ينفع معهم إلا ذلك  …
ولكن كوني امرأة صالحة منصفة …لا تجرح مشاعر زوجها ولا تنكر إحسانه  …

أختي المسلمة /

بعد قراءتك وفهمك وحفظك لهذا الحديث  …
لا تلبسي النظارة السوداء عندما يسود الخلاف بينكما ، فما يقع فيه بعض النساء من الخلاف الطبيعي بين الزوجين يجعل بعضهن تلبس هذه النظارة فلا ترى كل شيء على كيانه ….
فتجدها تخفي الحسن من أفعال ذلك الزوج ، وتظهر القبح  …

و ما ينجر عليه بعض النساء من الجحود والنكران هو أن كل امرأة تبدأ تعرض لصديقاتها ذلك فتقول زوجي عصبي ( وهو إنسان له أخلاقه الحسنة لكنه غضب في أحد الأوقات ، فعلقت المرأة هذا الموقف على جميع محاسنه) .

أو أن تقول زوجي بخيل (لأنه رفض لها طلب غير مقتنع فيه أو لم يتيسر له مبلغ هذا الطلب آنذاك ومع ذلك يؤدي النفقة الواجبة واللوازم التي ينبغي أن ييسرها) .
أو غير ذلك من الأمثلة حيث تعلق بعض النساء موقف سلبي في حياة الرجل على مواقفه الإيجابية في حياته كلها  …

أختي المسلمة /
القناعة كنز لا يفنى  … فاقنعي بالقليل يأتيك الكثير ولا يملأ فم ابن آدم إلا التراب  …
وتذكري عاقبة الغيبة فما سمعنا ولا قرأنا في كتاب الله ولا في سنة رسول الله شيئا يبيح ويحلل غيبة الزوج أو غيبة الرجال .
واعلمي أن الظلم ظلمات  …

هذا ما أردت الإشارة إليه ، وإلا فمجرد قراءة هذا الحديث والتمعن فيه يكفي الكثير والكثير مما كتبت ومما لم أكتب  …

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:


قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلم:


«مَتَى أَلْقَى أَحْبَابِي»؟


فَقَالَ أَصْحَابُهُ: بِأَبِينَا أَنْتَ وَأُمِّنَا، أَوَلَسْنَا أَحْبَابَكَ؟ فَقَالَ:


«أَنْتُمْ أَصْحَابِي، أَحْبَابِي قَوْمٌ لَمْ يَرونِي وَآمَنُوا بِي وَأَنَا إِلَيْهِمْ بِالأَشْوَاقِ لأَكْثَر»


اشهد الله تعالى انى كلى شوف الى لقاءك يا حبيبي يا رسول الله اشتقت اليك حتى باتت عيني تفيض دمعا قبل المنام من شوقي اليك يا حبيبي يا رسول الله

( وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ )

{وما بكم من نعمة فمن الله}

[النحل : 53]

وما النّاس إلا هالكوابنهالك

وذو نسب في الهالكينعريق

إذا امتحن الدّنيا لبيبتكشَّفت له

عنعدوفي ثياب صديق

الأرواح التي اعتادت القلق، تظن أن الطمأنينة كمين.

لايمكنك أن تُشفى فى نفس البيئة التى جعلتك مريضًا..غادر.

الدكتور: مصطفي محمود

لا زلنا أوفياء لحملة مقاطعة #ماكرون ومنتجاته تأديباً له ولحكومته على جريمة التطاول على سيد البشر (المصطفى ﷺ).

#مقاطعه_المنتجات_الفرنسية289

يقول إبن خلدون في مقدّمته الشهيرة :

“لو خيّروني بين زوال الطغاة أو زوال العبيد لاخترت بدون تردد زوال العبيد لان العبيد يصنعون الطواغيت”

فى ذروة تكبر ابليس عندما رفض اطاعة ما امره الله عز و جل به لم يخرج عن سوء الادب او التأدب مع الله سبحانه تعالى عزو جل لكن قال بكل الادب و الاحترام و الاجلال و التقدير لعظمة الخالق

{قال رب فأنظرنى إلى يوم يبعثون}

[الحجر : 36]

ليأتى الانسان المعاصر الضعيف الضعيف جدا المزهو بضئيل العلم و التقدم الحدثي فى وجهة نظره ليخرج عن النص و يتطاول على الله عز و جل و رسوله الكريم خاتم الانبياء و المرسلين.

استقيموا يرحمكم الله .. استقيموا فأنتم ليس إلا سراب حين تخرج روحكم و تذهب الى بارئها عز وجل ولن تنفعك البشريه من بدء الخلق الى قيام الساعه .

على قارب التيه ..

أستلقي متأملا عمق الفضاء، أعد نجومه ، رابطا بين كل نجم واخر بخط وهمي، علنّي أرسم لوحة ، أو أخرج بشكل منطقي من عشوائية تناثر تلك النجوم المتوهجة في حلكة الليل. تائه ، على قاربي في وسط الـلامكان. فقدت مِجدافي ، فلم أعد أبالي، فقدت كل فرصة للرجوع للوطن ، فأصبحت غربة البحر وتيهه موطني . هادئ هو البحر ، وفي تراقص قاربي الهادئ على سطحه يتجسد صخبه. صخب يضفي عمقاً على هدوئه. غامض هو البحر ، وفي غموضه يكمن سحره ، كم من تاريخ فُقِد في قاع بطنه ، كم ابتلع من قبائل وأمم ، كم أفرح وكم أحزن.

تائه أنا، و على سطحه تأخذني الامواج الصامتة يمنة ويسرة ، كتهويدة لطفل باكي ، هل أتألم ياترى ؟ مالي أرى البحر في عظمته ، يطبطب علي ؟ أحول نظري من سمائي الصامتة المتلألئة ، الى صدري ، فأراه ملطخا بالدماء، مهشّم ، دماء حمراء يتخللها سواد هنا وهناك ، دماء جديدة ممزوجة بأخرى قديمة تجلطت بفعل شكواها للهواء. ألهذا السبب أرى البحر يشفق علي؟ هل مزِّق صدري الى الحد الذي تمزقت معه اعصابي وفقدت بذلك كل إحساس؟ ربما هذا ماقد حدث. لا أقوى على الحراك ، شبه ميت ان صح التعبير ، وعلى صدري لوحة ، تمتزج فيها الدماء امتزاجا بشعاً ، وفي تلك البشاعة تتجسّد سطوة وجمالية الفن. صريعٌ يحتضر في تيهه . وحدي ، أنا والبحر ، في خلوة أبدية ، يشكو صدري له ويطبطب هو بدوره عليه، وانا في حيرة من ذلك كله. صامتون ، فالكلمات اعتذرت منذ وقت طويل ، اعتذرت عن ترجمة ماكان يدور بيننا ، لثقله ، ولـلانهاية هوته ، واعتذرت خوفا من ان ترزح بالألم ، فلم تقوى الحروف على التماسك ولا الكلمات في ان تترتب وتعطي وصفا، تعبيرا او ترجمة لما كان يدور ، بيني وبين البحر . وفي صمتنا السرمدي سمعت صوتا ، كان حديثا هو الاخر ، عزاءً، بل أنيناً . اهتز قاربي في اضطراب ، ومن ثم تطايرت علي قطرات الماء في صخب ، فهمت عندها ان سبب ذلك هي اذيال الحيتان . كانت تتلوى ، تئن ، وفي حركة تنضح بالألم تضرب بأذيالها الضخمه سطح الماء. أتت تشاركنا العزاء ، فلم تستطع تحمّل مأساتي ، فتحول عزائها أنينا ، وتحولت بادرتها الطيبة في العزاء ، الى ألما تعاني تحت وطأته. تسبح ببطئ تحتي ، تحوم وفي خضمّ هذه المأساة أراها تؤدي شعائرها باكية .


أنيــن ، يهز أعماق البحر ، ويحطم أعماقي ، أسمعها بوضوح وقد تجلى في أنين حيتاني جوهر الحزن ، وحقيقة المأساة. تئـن بنغم غنائي ، فيشاركها البحر بموجه التي تحدثه هي بضرب أذيالها، يتخلله إيقاع تلاطف موج البحر بقاربي. والمايسترو لسمفونية الحزن هذه ،هو اختلاجات صدري المحتضرة .


على قـارب التـيه، في وسـط الـلامكـان ، وعلى تهويدات البحر الهادئـة وأنيـن الحيتان المتألـمة ، أتأمل سماء المساء ، صامتاً ، متألماً ، غير قادر على الشكوى أو الأنين ، لاحول لدي ولا قوة ، وفي خضمّ هذه المأسـاة ، وبين فصول هذه السمفونية ، أُفكِّـر ، نعم ، وكـم فكّرت ، ونسجت ، سيناريوهات عديدة، كم رسمت من لوحات ، كم قاسيت من غصّات ، كم تألّمت من مرات ، كم كتبت وشطبت ورتبت ، إلى أن تاه كل شيء عني وضاع ، وبقيت وحدي مع الفكرة ، أفكر ، نعم ،أفكر فيك، أفكِّـر فِـي العـدم.


الآم الشاب فرتر لغوته ..
لطالما شدني اسم غوته كونه من أعظم الأدباء. بدايةً قرأت له مسرحية فاوست ، وأي سحر كان ذلك ، أي جمال، بعدها تُيّمت بهذا الأديب ، كونه رفع أسطورة فاوست وجعل لها أجنحة ترفرف في سماء الخلود . ولشد ما آلمني أن كتابه الاشهر الآم الشاب فرتر ليس في متناول اليد، بحثت عنه لكن لا نتيجة مرضية. ولشد ماسعدت حينما لمحت اسم الكتاب وصورة الكاتب على رف أحد المكتبات.اقتنيت الكتاب سريعاً بدأت قرائته ، بفضول حول شكل العمل، لانني لم أقرأ وقتها عملاً أدبيا يخص تلك الحقبة الزمنية ، التي هي أواخر القرن الثامن عشر .
سعادة فرتر البريئة ، ورؤيته للجمال في الأشياء البسيطة. كيف أنه يسعد حينما يرى عطف أخ على أخيه الصغير، كيف يرى الأشجار في الحقول ، كيف أنه يأنس بمجالسة الناس البسطاء . إلى أن وقعت عيناه على شارلوته، حينها تأخذ اللغة منحنى حميمي شاعري تصاعدي، كيف أنس لهذه الفتاة، كيف أستحوذت على حواسه، كل ذلك أستحوذ على كليّ أنا. أيا أسفي، كم آلمني نظرات الاستنكار التي كان فرتر يُرمق بها حين يضع حكم القلب فوق حكم المنطق والقانون، كيف أسف بل ودافع بحمية عن ذلك الفلاح التعيس الذي عشق سيدته حد ان قتل الخادم الذي أتى بعده، كيف دافع عنه أمام الحاكم وكيف رده الأخير، وبأسى أذعن فرتر للحكم المحتوم . كم ذرأ الرماد عن جمرات الشفقة حينما رأيته يناقش ألبرت في قضية تشابه من يقدم على الانتحار جراء ثقل الهموم ونزيف الألم بذلك الذي اشتد عليه مرضه فسلب منه سلوى حياته. بداية اعترض عقلي على هذه المفارقة في التشبيه لكن ، حينما رجعت الأمر لقلبي ، وجدت المغزى ، كيف ان المنتحر كان همه وثقل أحزانه ويأسه وإحباطاته وفشله كان كل ذلك هو المرض الفتاك الي يرزح تحته المنتحر وهذا المرض بحد ذاته هو الذي أودى بحياته. رؤية كم كان فرتر يكره ضيقي النفوس الذين يتعكر مزاجهم لدى رؤية سعادة الآخرين، وكيف كان يضيق هو بنفسه حين رأى من يحب يرقد تحت الثرى وكم كان هو عاجزاً جراء ذلك الموت ، وكم أضنه انه لايستطيع فعل شي ، ألمه تجاه العجز ، كل ذلك بعث شيء من الأمل في قلبي.
رؤيته يتألم جراء المجتمع الذي ينظر للطبقات قبل الأخلاق وقبل الجوهر ، يأسه من قسوة هذا العالم وأكثر من ذلك ، ألمه الذي أضناه وحطم صدره ، ألا وهو كل شيء متعلق بلوته. حينما وصلت الرواية لهذا الصدد، بدأت اللغة تشتد حميمية، شاعرية، مأساوية الى حد قلما رأيته في رواية أخرى. أفضل مشهد برأيي، حينما يقف فرتر أمام لوته، حينما تتضرع اليه أن يضبط نفسه، أن يقلل من زياراته، أن من غير الممكن أن يبقى الأمر بهذا الشكل. أحسست وقتها أنا كقارئ، أحسست أنني أنا فرتر، ولشد ما آلمني حديث لوته، كان حديثها أشبه بالخناجر الموجهة الى قلبي . أما أكثر مشهد مأساوي هو اللقاء الأخير، حينما جلس فرتر يقرأ بحزن أشعار أوسيان، أيا أسفي، ستظل تلك الأوراق، تلك المقاعد ، ذلك البيانو، والستائر المسدلة بتراخي على نافذة شهدت الكثير وظلت صامتة. ذلك المشهد حينما بكى فرتر وبكت لوته وضمت يديه الى قلبها ، حينما شعر الإثنان بتعاستهما . سيظل ذلك المشهد مطبوعاً في قلبي .

هناك بعض الأخطاء المطبعية لن أتعرض لها، كون المؤلف والمترجم على حد سواء ليس لهم أي علاقة بهذه الأخطاء وإنما عبء ذلك يقع على دار النشر على حد علمي.

شكراً عظيماً للمترجم نجم والي، فقد جعلني أحلق مع النص وحميميته، شاعريته، مأساويته، حزنه. شكراً لأمانته في نقل النص من اللغة الأصل “الألمانية” الى العربية، شكرا لمجهودة في ذلك الصدد، فإني أرى أنه أبلى بلاءاً حسنا.


عالم بلا خرائط . للأديبان العظيمان ، جبرا إبراهيم جبرا ، وعبد الرحمن منيف .


عمل أدبي فريد من نوعه ، معقد متشابك ، بقلمين من عالميْن اثنين . في العادة أن الروائي يكون حاكم روايته والحكام بطبعهم تأبى أنفسهم المشاركة في الحكم . فتوقعت أن أجد تناقضا وحيرة وضبابية في هذا العمل ، وقد وجدت بالفعل، لكنني وبعد الاستمرار وجدت ان هذه الضبابية والتناقضات كانت لبنة أساسية لإكتمال هذا العمل العظيم.

بداية العمل ، يكون القارئ أمام كلمات ومشاهد غامضة ، متاهات ، يعتقد انه يعرف شيئا او اثنين لكن مايلبث ان ينتقل للفصل الثاني حتى تنهار كل اعتقاداته . ومن خلال الفصول الاولى نحصل على جزء من صورة علاء الدين نجيب قبل نجوى. نستطيع ان نقسم الرواية الى قبل نجوى ، زمن نجوى، وبعدها.

بداية لم أجد في هذا العمل أية “ميزة ” تجعله مختلفاً. وسرعان مابدلت رأيي بل وجدته سخيفاً نوعا ما. وذلك حينما بدآ الرائعان يتحدثان عن عمورية. وهنا تذكرت أديب ايرلندا العظيم جيمس جويس، حيث كان كل ماكتبه يحدث في مدينته التي احبها وكرهها ، “دبلن”. وهنا تجري الاحداث في عمورية، لكنها ليست عموريتنا ، بل هي عمورية الكاتبان، عمورية غير الواقع ، عمورية عالمهم ، عالمهم الذي بلا خرائط.

وجدت اجزاء من نفسي في عمورية، فلي بلدة تشبههاها الى حد كبير، فأثارت شجوني سمفونيات الفرح والحزن والألم والمأساة المتعلقة بهذه المدينة . ولم يتورعان الكاتبان عند هذا الحد من المفاجآت، حيث أدخلا شخصية حسام الرعد ، في داخل كل منا يوجد حسام الرعد، المحب للحياة ، الجامح ، السعيد، الشجاع الا مبالي، الخيّال عاشق خيلته لمعه. وعلاقته بالمثاليات وصدام الواقع ، ورغبته في تغيير عمورية وارجاعها الى سابق عزها، لكن كلامه وافكاره تظل تتردد بين جدران قلبه وخيالاته، حيث لاتكاد تصل إلى أراضي الفعل. وهنا يبرز أدهم أخ علاء الدين، والذي يعتبر المحرك والفعل لأقوال وأحلام خاله، حسام.

الشخصيات وبناءها قوي ، على الرغم من ان بعضها قد يبدو ضبابي بعض الشيء، كخلدون ، ونبيل وصبا.

وبعدها تبرز نجوى، وعلاقتها بعلاء الدين ، فنرى الحب والجنون والشبق والتحدي لكل وازع ولكل عقبة وتقليد. ومن خلال نجوى يبرز لنا كم هو محطم علاء، وكأن نجوى أخذت تكسر قشرة علاء الدين الخارجية والمتيبسة، فتظهر بعض أجزاء نفسه الحقيقية ، تظهر صور المأساة في ولعه بنجوى ، صور الوحدة والبؤس، وكأن نجوى هي ذاك المسكر، الذي ما ان تتناوله حتى تطير في عالم الاحلام وما ان تستفيق منه حتى تدرك بؤسك وتزداد بؤسا على بؤس. في نهاية الرواية يظل الحدث الاهم موضع شك ، غير متأكدين حول الحقيقة، فرأيت ان هذا اشبه بكرم بالغ من الروائيان حيث تركا لنا ان نقرر ماهي النهاية. بما ان نجوى ذات كبرياء ، تعشق التملك والاستحواذ، وفي خضم المشاكل بينها وبين سليمان العامري والميراث، وبين الجنون والوهم والانتشاء في آخر مشهد ، وحينما رأت نجوى علاء ينساب بين أصابعها كالرمل ، وبين كلماتها اوخصوصا"الموت بين يديك أمنية". وأيضا موقفها الشاذ ذلك اليوم، يبدو أنها كانت تضحي بكل شيء في سبيل هذه اللحظة ، والتي بدت لي كالعشاء الأخير . ربما بعدما التقت بلخدون ، رأت أنه لا أجمل من ان تنهي حياتها باختيارها هي ، في تلك الدار والتي تحتفظ بين جدرانها العديد من مشاهد الخيبة والمآسي، ولإضفاء بعض الدراما بدت كمن أُعتدي عليها ، وربما كانت رسالة لعلاء الدين بأنها اذا خسرته خسرت كل شيء . أو ربما قتلت بعدما هددت من قبل سليمان العامري حول موضوع الميراث ، أو ربما على يد خلدون وأعتقد ان هذا غير وارد وذلك من خلال الصورة النفسية التي كوناها عنه من خلال هذا العمل. أو ربما بين حقيقة والوهم ، وتداخلهم ، ربما كان علاء هو من قتلها .


نهاية، أرى هذا العمل من الأعمال العظمى التي قرأتها، مليء بالاسئلة الوجودية والفلسفية والحيرة والتناقضات والفرح والشبق والجنون واللذة والألم والمآسي. ففي هذا العمل رأيت البحث عن وليد مسعود ، ورأيت أيضا شرق المتوسط. كأن الكاتبان كانا يتنافسان بإبراز أفضل مالديهم ، فإذا ظهر أحدهم بمشهد قوي تحداه الآخر بمشهد أقوى حبكة أو إحكام، ومن خلال تشذيب هنا وهناك يبقى الأفضل ليُضع في هذا العمل.

الكوميديا الإلهية ..

المعجزة الأدبية العظمى ، صرح دانتي الذي خلّد تاريخ زهو النسر الذهبي الذي يرمز للإمبراطورية الرومانية وانحطاطه. وعمله الأعظم والذي يتمحور حول العدالة الإلهيـة .

لهذا العمل ثلاثة محاور أساسية ، تمثل أركان وملامح الكوميديا بكاملها. وهي

•الجحيم

، يرى دانتي نفسه تائها في غابة مظلمة ، والتي تمثل أولى حلقات الجحيم. ولإرشاده تذهب قديسة سيراكوزا لتخبر بياتريشي (محبوبة دانتي، والساكنة في الفردوس) عن سوء حال دانتي ، فتذهب الأخيرة مستنجدة بشاعر الرومان الأعظم، ڤيرجيليوس، فيقوم بإرشاد وحماية دانتي في هذه الرحلة . فيمران معاً بمختلف حلقات الجحيم، ويرون العاصين والذين تختلف درجاتهم على حسب حجم معصيتهم، الى الحلقة الأخيرة والتي يوجد بها لوسيڤر. رحلة مليئة بمشاهد الرعب والمسوخ والمآسي.

•المطهر

وفي هذا الركن ، تخف الشدة، وترتاح النفس لوصولها إلى هذا القسم. حيث العقاب مؤقت، ويعتبر مرحلة تمهيدية وتطهيرية للإرتقاء للفردوس. وهنا أيضاً يلتقي دانتي مع ڤيرجيليوس بمختلف الشخصيات، وتطرأ عليه مختلف التساؤلات والشكوك والتي يدحرها ويجاوب عنها ڤيرجيليوس. نهايةً يلتقون بصديق قديم ، كان هذا الأخير يكن عظيم الاحترام لفرجيليوس، فيصاحبهم. ومروراً بمختلف الأفاريز، يتطهر دانتي من الوسوم التي وسمها بها الملاك في بداية هذا الركن. إلى أن يلتقون ببياتريشي محبوبة الكاتب، التي ستصحبه للفردوس.فيرحل عندها ڤيرجيلويوس لكونه مات على الوثنية. ويعتبر مشهد رحيل ڤيرجيلويس من أحزن مشاهد الكوميديا (باالنسبة إلي).

•الفردوس

ومن خلال اصطحاب بياتريشي لدانتي ، في مختلف مرورا بالسموات العشرة، تفك له شفرات وألغاز الكون، وتدحض شكوكه المختلفة والمبنية على معرفة فلسفية سابقة عن كتّاب لم يبصروا النور الحق. ومع اجتياز كل سماء ومع دحض كل شك ، تقوى روح وبصر دانتي فيكون قادراً على احتمال النور والمتعة والتي تختلف شدتها في كل سماء. ونهاية يصل لسماء النور الخااص ، حيث يغمس عينيه في الجوهر غير المتناهي، ويصل الى أقصى حالة استشراقية.


عمل أدبي عظيم، ملحمة شعرية، تصف وتحكي وتناقش وتجادل وترثو وتهجو وتتحسر وتتأمل في أبيات ثلاثية . ويؤكد دانتي أن عمله ، هذا قابل لقراءات حرفية ورمزية وأمثولية. وما يجعل للعمل وزناً أدبياً إضافيًا ، هو أن الكاتب ، قد ارتقى بالعامية الإيطالية والتي كانت دارجة يومذاك، إلى الفصاحة والكلاسيكية الشعرية.


شكر وامتنان كبير للمترجم (كاظم جهاد) والذي ترجم العمل كاملاً وزوده بحواشي مليئة بالشروحات القراءات المختلفة، والتعريف بمختلف الشخصيات وعلاقتها بالسياق. وشكرٌ خاص لجاكلين ريسيه، والتي ساهمت ساعدت وكانت ذات يد عون لعمل كاظم جهاد.

loading